كيري «بقّ البحصة».. الأسد تلا شروطه

كيري «بقّ البحصة».. الأسد تلا شروطه

ماهر خليل – عربي برس

اعترفت الخارجية الأميركية على لسان وزيرها «جون كيري» بفشل مشروعها بالتعاون مع أكثر مئة دولة عربية وغربية، لإسقاط النظام في الجمهورية العربية السورية، عندما قال بأن بلاده “جنحت” للتفاوض مع الرئيس السوري «بشار الأسد». فحتى لوكان هذا الاعتراف “منمّقاً” بجمل خالية من الاعتراف المباشر بفشل ذلك المشروع، إلا أن مجرد الحديث الأميركي عن الرغبة في التفاوض مع «الأسد» ضمن “شروط”، يعني أن واشنطن خضعت للأمر الواقع في سوريا، وأن “خيارات” إسقاط النظام باتت بحكم المنسية، وأن البداية ستكون عبر رسائل هنا أو هناك موجهة إلى سوريا. الرد السوري جاء مباشرةً على لسان «الأسد» نفسه بعد يوم فقط، ومن على شاشة “إيرانية” في رسالة واضحة إلى البيت الأبيض ولا أحد سواه.

الرئيس السوري «بشار الأسد» قال للتلفزيون الإيراني في ردّه على كلام «كيري»: “مازلنا نسمع كلام من الجانب الأميركي ونحن ننتظر أفعال”، هذا الرد يدل على القوة التي مازال الرئيس السوري يتحلّى بها، من جهة أخرى يدل على مدى درايته بـ”انحشار” السياسة الأميركية في الزاوية السورية أمام نشاط الجيش العربي السوري على كافة الجبهات، والتي يستمد «الأسد» قوّته منه، حيث لايزال الجيش متماسكاً يخوض أعتى معاركه على أشد الجبهات سخونة من أقصى الشمال السوري إلى أقصى جنوبه بعد مضي أربع سنوات من عمر الأزمة، أمام تراجع وانهزام الميليشيات على تلك الجبهات وبشكل الخاص الجنوبية منها والشمالية، التي وعلى مايبدو أنها “أي وحدات الجيش السوري”، مصرّة على إنهاء الوضع الأمني في سوريا بشكل نهائي، فالاستخبارات السورية التي كثّفت نشاطها في الأيام الماضية، لعبت دوراً كبيراً إلى جانب وحدات الجيش السوري بكافة تشكيلاته في توجيه عدّة ضربات قاتلة في صميم المتطرفين سواء من جبهة النصرة أو تنظيم “داعش” أو ميليشيا الجيش الحر، ووجهت لهم ضربات أرضية وجوية اعتبرت بمثابة “الاستباقية” مستهدفةً العمق لتلك الميليشيات، وهذا ماشجّع واشنطن أمس للقيام بجولة اعتراف أولى بصورة غير مباشرة وكأنها تقول لتلك الميليشيات “اعذرونا فنحن مع الأقوى”…..

منذ أربع سنوات وواشنطن مع حلفائها الخليجيين بصورة خاصة، وهي تقوم بعد الأيام المتبقية من حياة “النظام”، بالمقابل كان هذا “النظام” يعد الأيام المتبقية لإعلان ثورته الحقيقية على “الثورة المزيّفة”، مفارقة تلقّفتها واشنطن متأخرة ليس فقط على الصعيد السياسي من خلال نشاط سياسيي ودبلوماسيي الجمهورية العربية السورية في بلدان العالم، بل أيضاً على المستوى الميداني، ففي الوقت الذي كانت تسعى فيه واشنطن لـ”استضافة” مقاتلو المعارضة المعتدلة في “حقول الموت” التركية أو الأردنية، كانت دمشق تضع اللمسات الأخيرة على ضربات استخباراتية توجهها للجانب المتطرف، كما أن سقوط قتيل من ضباط الاستخبارات الإسرائيلية في القنيطرة “إن لم نقل أكثر”، كان له وقع أقوى على الجانب الأميركي الذي سعى منذ بداية الأزمة السورية إلى نفي العلاقة الإسرائيلية مع تلك الميليشيات خاصة على الجبهة الجنوبية من سوريا، وهو برأينا مادفع واشنطن إلى رفع يديها استسلاماً أمام الدولة السورية، التي وجهت ضربتين أثقلتا كاهن تلك الميلشيات في الجبهة الجنوبية، الأولى عندما أغارت طائرات تابعة لسلاح الجو السوري على مقر تابع لميليشيا الجيش الحر في القنيطرة، حيث قتل إضافة إلى 12 قيادي من الميليشيا ضابط إسرائيلي بينما فقد الاتصال مع أربعة ضباط من الجنسية الأردنية، الضربة الثانية كانت منذ يومين عندما استهدف سلاح الجو أيضاً معسكراً لتنظيم جبهة النصرة، عندما أغارات طائراته على المعسكر أثناء تخريجها دفعة من مقاتلي “لواء العز” لتقضي بها على أكثر من 120 عنصر مسلح إضافة إلى عشرات المصابين الذين قامت النصرة بالتعتيم على الرقم الحقيقي لهم.

انتهت اللعبة الحقيقية في سوريا وبدأ اليوم التحضير لما بعد الاعتراف بشرعية الرئيس «الأسد» في حكم الدولة السورية. إيران وروسيا إضافة إلى عدّة دول أخرى فضّلت الجلوس خلف الكواليس ومشاركة الدولة السورية صمودها لكن بهدوء، شاركتا إلى حدّ كبير في صمود الدولة السورية على المستويين العسكري و الاقتصادي، لكن وللتاريخ فقط، فإن صمود المؤسسة العسكرية السورية كان له الدور الأبرز في إجبار تلك الدول “المعادية” للجنوح باتجاه السلم. هنا نحن لا نقول أن الأزمة السورية انتهت بشكل نهائي، لكن نستطيع القول أن “الجولة الأولى” منها قد انتهت عسكرياً لصالح الدولة السورية، اليوم هناك انتقال بزعامة أميركية روسية إيرانية سورية للجلوس في محيط الطاولة المستديرة والاتفاق على “الرتوش” المتبقية من الاتفاق النهائي وهذه هي الجولة الثانية والختامية، فالأميركي سيقول كلمته متمسّكاً بالدور السيادي للرئيس السوري، وسيرمي خلف ظهره كل الاتفاقات التي أبرمها أو وعد بها من أطلقت عليهم بلاده “المعارضة المعتدلة”، وسيترك الكرة في الملعب العربي “الداعم للثورة السورية” إضافة إلى اللاعب التركي، في البحث بعناية عن “خط العودة” إلى الحضن الدّمشقي، فـ«الأسد» ألمح مرة في إحدى لقاءاته بأن “دمشق لن تبتسم إلا إذا بكت تل أبيب والرياض والدوحة وأنقرة” بالحد الأدنى، أو أمامها خيار آخر غير “البكاء”، بأن تدفع كل ما تملك من أموال لإعادة إعمار ما خرّبه جهلهم وأمّيتهم في سوريا.

هنا من المفيد أن نعيد ما قاله «وليد المعلّم» وزير الخارجية السورية لـ«جون كيري» في جنيف: “سيد كيري .. لا أحد في العالم له الحق بإطفاء الشرعية أو عزلها أو منحها لرئيس أو حكومة أو دستور أو قانون أو أي شيء في سوريا، إلا السوريون أنفسهم”.

» بشار الأسد ردا على جون كيري: ننتظر الأفعال لا الأقوال
» اشتعال الخلاف بين كيري و سعود الفيصل في باريس بسبب الأسد
» كيري: إزاحة الأسد تحتاج لضغط عسكري
» بايدن يبقّ البحصة
» جون كيري .. هل هذا حقاً ما تريده من الرئيس بشار الأسد .. أم ماذا ؟!