منتدى عشاق سوريا الأسد
عزيزي الزائر .. أهلا وسهلا بك في منتداك
انت غير مسجل لدينا
يرجى التسجيل .. لإعلامك بكل ماهو جديد ولمشاركتك معنا بآرائك

البدعة أو الهرطقة الغنوصية Networ10
منتدى عشاق سوريا الأسد
عزيزي الزائر .. أهلا وسهلا بك في منتداك
انت غير مسجل لدينا
يرجى التسجيل .. لإعلامك بكل ماهو جديد ولمشاركتك معنا بآرائك

البدعة أو الهرطقة الغنوصية Networ10
منتدى عشاق سوريا الأسد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى عشاق سوريا الأسد

إلى كل محبي الدكتور بشار الاسد
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» فضيحة:(أمريكا منعت مشروعنا بعائد 350 مليار دولارسنوياً!لمحور قناة السويس الذي قدمناه لمبارك!وعـمر! والسيسي!)( نتحدى أن يكذبنا أحد!)
البدعة أو الهرطقة الغنوصية Icon_minitimeالأحد أغسطس 09, 2015 7:15 pm من طرف النائب محمد فريد زكريا

» بتوجيه من الرئيس الأسد.. العماد أيوب يزور قواتنا العاملة في المسطومة ومحيطها بريف إدلب
البدعة أو الهرطقة الغنوصية Icon_minitimeالإثنين أبريل 13, 2015 3:28 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

» «مُجتهد» يكشف السيناريو القادم لـ«عاصفة الحزم» .. ماذا قال؟!
البدعة أو الهرطقة الغنوصية Icon_minitimeالإثنين أبريل 13, 2015 3:25 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

» هل الحرب على اليمن هي البداية لتنفيذ مشروع امريكا لتقسيم السعودية ؟؟
البدعة أو الهرطقة الغنوصية Icon_minitimeالإثنين أبريل 13, 2015 3:20 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

» جبهات حماه تشتعل..
البدعة أو الهرطقة الغنوصية Icon_minitimeالإثنين أبريل 13, 2015 3:15 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

» آل سعود من عزكم في ذل اليمن إلى ذلكم في عز اليمن
البدعة أو الهرطقة الغنوصية Icon_minitimeالإثنين أبريل 13, 2015 3:13 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

» آلية لضبط الأفواه!!
البدعة أو الهرطقة الغنوصية Icon_minitimeالإثنين أبريل 13, 2015 3:03 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

» "شمس" آل سعود بدأت بـ "المغيب"؟!!
البدعة أو الهرطقة الغنوصية Icon_minitimeالإثنين أبريل 13, 2015 3:01 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

» «الخبر برس» تنشر كواليس محاولة انتقام السعودية من الجزائر
البدعة أو الهرطقة الغنوصية Icon_minitimeالإثنين أبريل 13, 2015 2:57 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

» هل تجبر السعودية بوتين على الرضوخ في نهاية المطاف؟
البدعة أو الهرطقة الغنوصية Icon_minitimeالإثنين أبريل 13, 2015 2:53 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

» التدخل السعودي في اليمن وتدخل إيران وحزب الله في سورية
البدعة أو الهرطقة الغنوصية Icon_minitimeالجمعة أبريل 10, 2015 4:29 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

» مقالات المفكر العربي ناصر قنديل
البدعة أو الهرطقة الغنوصية Icon_minitimeالجمعة أبريل 10, 2015 4:28 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

» نبيه البرجي: السلطان و حصانه الخشبي
البدعة أو الهرطقة الغنوصية Icon_minitimeالجمعة أبريل 10, 2015 4:22 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

» بالتوازي مع الاتفاق الإطاري ادلب واليرموك بؤر إشغال .. والعين على دمشق
البدعة أو الهرطقة الغنوصية Icon_minitimeالجمعة أبريل 10, 2015 4:20 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

» صراع الرايات الإرهابية في مخيم اليرموك.. «داعش» تحاول التمدد الى أطراف دمشق
البدعة أو الهرطقة الغنوصية Icon_minitimeالجمعة أبريل 10, 2015 4:08 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

» السعودية حليفة «إسرائيل»
البدعة أو الهرطقة الغنوصية Icon_minitimeالجمعة أبريل 10, 2015 4:06 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

» تصدع تحالف العدوان على اليمن * الغزو البري بين الخوف والرفض!
البدعة أو الهرطقة الغنوصية Icon_minitimeالجمعة أبريل 10, 2015 4:04 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

» الإمام الخامنئي دام ظله: السعودية ستتلقى ضربة وسيمرغ أنفها بالتراب
البدعة أو الهرطقة الغنوصية Icon_minitimeالجمعة أبريل 10, 2015 3:59 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

» أمين سر تحالف القوى الفلسطينية: مخيم اليرموك ذاهب باتجاه عمل عسكري تشارك فيه القوات السورية والفصائل لطرد داعش
البدعة أو الهرطقة الغنوصية Icon_minitimeالجمعة أبريل 10, 2015 3:58 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

» تصريح مثير لأوباما.. هل أعطى الضوء الأخضر لشن «عدوان خليجي» على سوريا؟!
البدعة أو الهرطقة الغنوصية Icon_minitimeالجمعة أبريل 10, 2015 3:56 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

» انتهاء الجولة الثانية من لقاء «موسكو 2» بالتوافق على ورقة البند الأول فقط
البدعة أو الهرطقة الغنوصية Icon_minitimeالجمعة أبريل 10, 2015 3:55 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

» مفتي السعودية يخرج عن صمته ويرد على فتوى أكل لحم المرأة
البدعة أو الهرطقة الغنوصية Icon_minitimeالجمعة أبريل 10, 2015 3:53 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

» ما صحة «الفرمان» الموجه لرعايا الملك سلمان من اللبنانيين؟! (خضر عواركة)
البدعة أو الهرطقة الغنوصية Icon_minitimeالجمعة أبريل 10, 2015 3:48 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

» الخبر برس: سلاح الجو السوري يستهدف مقر «لواء براق الاسلام» بريف درعا ويقتل نائب «قائد» اللواء ومعه العشرات
البدعة أو الهرطقة الغنوصية Icon_minitimeالجمعة أبريل 10, 2015 3:45 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

» قيادي تركي معارض يروي لـ«الخبر برس» قصة العلاقات الاسرائيلية مع المسلحين السوريين (الحلقة الثانية)
البدعة أو الهرطقة الغنوصية Icon_minitimeالجمعة أبريل 10, 2015 3:44 am من طرف سعودية وعشقي سوريا

المواضيع الأكثر نشاطاً
مقالات المفكر العربي ناصر قنديل
صباحيات ناصر قنديل سلسلة يومية
مقالات وتقارير لمراسل قناة العالم الاعلامي حسين مرتضا
مقالات بقلم الكاتبة : دينيز نجم
اخطر وأقوى الفيديوآت لثورة فبرآير [ البحرين ]
متجدد: تغطية أحداث يوم الأحد 24 مارس 2013
مرحبا بكم في منتدى عشاق سوريا الاسد
خبر عاجل:اكتشاف مجرة جديدة فيها نجم واحد اسمه بشار الأسد
الحزن يعم سوريا بعد وفاة ولي العهد السعودي !!
أنباء عن استهداف رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي بانفجار في آخر أوتوستراد المزة بالقرب من المؤسسة العامة للاتصالات

 

 البدعة أو الهرطقة الغنوصية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الياس
مراقب عام
مراقب عام
الياس


ذكر
الحمل عدد المساهمات : 6669
تاريخ الميلاد : 07/04/1964
تاريخ التسجيل : 15/09/2012
العمر : 60
العمل/الترفيه : دكتور في تاريخ ومقارنة الأديان
المزاج : متفائل بنعمة الله

البدعة أو الهرطقة الغنوصية Empty
مُساهمةموضوع: البدعة أو الهرطقة الغنوصية   البدعة أو الهرطقة الغنوصية Icon_minitimeالسبت سبتمبر 29, 2012 6:33 am

البدعة أو الهرطقة الغنوصية


تبلور الفكر الدوسيتي إلى فكر الغنوسية وأصبح هو محور الفلسفة الغنوسية الرئيسى
اسم الغنوسية يعني المعرفة أو البصيرة:
كلمة غنوص التي أطلقت على هذه الطائفة هي كلمة يونانية تعني معرفة أو بصيرة وأُطلِقَ هذا الإسم على طائفة دينية لها فكر فلسفي، ليس لها تنظيم معين، إزدهرتْ في القرنين الأول والثاني للميلاد وخاصة في مصر حتى عصر أثناسيوس الرسولي، وكانت الإسكندرية بمصر أهم مراكز الغنوصية أو الغنوسية فقد عثر على كتاباتهم من ضمن مخطوطات نجع حمادي (1)وقد أطلقت الجرائد التي تصدر في مصر عن هذه الفئة الغنوسية اسم العارفين بالله.
المذهب أو البدعة الغنوسية المصرية:
يقول القس منسى يوحنا(2) الغنوسطية أي مذهب التوليد وقد نشأت في فلسطين أو سوريا عند ظهور الدين المسيحي، ولم يكن مذهب الغنوسطيين إلاَّ خلط ما بين المسيحية والأديان الوثنية القديمة.
وأنشأوا له مدرسة في الإسكندرية في أوائل القرن الثاني الميلادي واعتنقه بعض المصريين، ولكن الغنوسطية المصرية كانت تختلف عن الغنوسطية الأسيوية فقد اعتقد المصريون أن المادة أبدية وحيوية أيضاً، وكانوا يعتقدون أن المسيح هو شخصان.
الإنسان يسوع وابن الله أو المسيح. فالمسيح الشخص الإلهي زعموا أنه دخل في يسوع الإنسان حين اعتمد من يوحنا وتركه حين قبض عليه اليهود.
وكانوا يعتقدون أن للمسيح جسداً حقيقياً لا وهمياً مع أنهم لم يتفقوا على ذلك ووضعوا شرائع أخرى تبيح بفساد أميال البشر، وقد انقرضت هذه البدعة أو الهرطقة في أواخر القرن السادس.
لماذا درس عالم الماني الغنوسية؟.
إشتهرت الهرطقة أو البدعة الغنوصية بعدما قام البروفيسور كورت رودولف وهو من أبرز العلماء الألمان الذين اهتموا بتاريخ الأديان وفلسفتها بعد كتب عدة كتب منها كتابه الشهير الغنوصية: طبيعة وتاريخ الغنوصية (الترجمة الإنكليزية 1987). والكتب الأخرى هي كتاب المندائيون (بالألمانية 1960-1961 في مجلدين). وكتاب آخر بالإنكليزية عن المندائيين (لايدن 1978). ومن المعروف أن البروفيسور كورت رودولف قام بالتدريس في جامعات أميركية عديدة كما شغل منصب بروفيسور في جامعة فيليبس في مدينة ماربورغ الألمانية قبل تقاعده. وقام أيضاً بترجمة أحد كتبهم الدينية ديوان نهرواثا (أي ديوان الأنهر برلين 1982).
وأصبح البروفيسور كورت رودولف عضواً فخرياً مدى الحياة في الإتحاد الدولي لتاريخ الأديان.
ويرجع إهتمام البروفيسور كورت رودولف بالغنوصية لأنه كان لها علاقة بالمعرفة الخاصة بأصل النفس البشرية وبكيفية عودة النفس إلى عالم النور ويعتقد أن الأقباط وهراطقة مسيحيين آخرين قاموا بنسخ مخطوطات الغنوصيين في القرون اللاحقة لهذا السبب بعينه، وقد تأثرت فئات أو مجموعات من البشر بالأفكار الغنوصية تعود إلى القرن الأول الميلادي، ويرجح بعض المؤرخين إلى أنها كانت موجودة في فترات أقدم، لكن بالتأكيد عاشت هذه الجماعات عصرها الذهبي في القرنين الثاني والثالث الميلاديين.
الفلسفة الغنوسية:
فكر الغنوصية هو في الأصل خليط من أفكار مسيحية ويهودية وإغريقية وثنية فالثقافة اليونانية الغربية القديمة التي كانت قبل المسيحية تمازجت بالمصرية الشرقية.
هذه الجماعات إنتشرت وعاشت في مناطق متفرقة من مصر، وكان يقودها أسقف بتنظيم صارم كالبابا، وعندما كان هؤلاء الغنوصيين يعيشون في مجموعات قليلة متفرقة كان يرأسهم كاهن وكان كثير من الغنوصيين من النساك. ويؤكد بعض المؤرخون أن الغنوصية هي خليط من فكر فارس؟ وحكمة مصر والفلسفة الأفلاطونية(3). ويقوم الفكر الفلسفي على التأمل وتجيب الغنوسية على الأسئلة الأساسية عن الوجود أو عن الوجود في العالم، بمعنى: مَن نحن كبشر؟ من أين أتينا؟. إلى أين نتَّجه؟. تاريخيًّا وروحيًّا(4).
الغنوسية تجيب من أين أتينا؟
العالم الكون المادي وفقًا للغنوصيين، هو نتيجة لخطأ أصلي من جانب الكائن فوق الكوني، السامي الألوهية، الذي عادة ما يُطلَق عليه اسمُ صوفيا الحكمة التي هي الكلمة. هذا الكائن يوصف بإعتباره الفيض الأخير لتراتبية إلهية، تُدعى الملأ الأعلى أو الكمال، على رأسها يقيم الإلهُ الأسمى، الواحد المتعالي على الوجود. خطأ صوفيا الذي يوصف كرغبة طائشة في معرفة الإله المتعالي أدَّى إلى أقْنَمَة = تحويل إلى أقنوم... رغبتها على هيئة مخلوق نصف إلهي، جاهل أساساً، عُرِفَ بالديميورغوس من الإغريقية: الباري، أو بالصباؤوت، وهو المسؤول عن تكوين الكون المادي. هذه الصنعة الماهرة هي في الواقع محاكاة لعالم الملأ الأعلى، لكن الديميورغوس يجهل ذلك ويُعلِن نفسه بكلِّ اعتداد بوصفه الإله الأوحد الموجود. عند هذه النقطة، يبدأ النقد التنقيحي الغنوصي للكتب المقدسة اليهودية، كما يبدأ الرفض العام لهذا العالم بوصفه نتاجاً للخطأ والجهل، ويبدأ إفتراض وجود عالم أعلى تعود إليه النفسُ الإنسانية في المآل.
من نحن؟.
إنَّ الإجابة عن هذا السؤال تتضمن تعليلاً الكلمة لطبيعة النفس، ومحاولةُ تقديم إجابة عن هذا السؤال أطلق عليها علم النفس أو ممارسته في العصر الحديث وهو يقدم تعليلاً للنفس أو الذهن في اللغة اليونانية القديمة، كلمة تطلق على معنيين في آن واحد الأول على النفس، كمبدأ الحياة، ويطلق أيضا على الذهن، كمبدأ العقل. ولقد ميَّز كارل يونغ إعتماداً على النظريات الغنوصية الأسطورية الوعي الموجَّه موضوعيّاً بالجزء المادي أو الجسدي من الجنس البشري أي، بحسب الغنوصيين، ذلك الجزء من الإنسان المشدودَ إلى الدورة الكونية للكون والفساد والخاضع لقيود الجَبْر والزمن(5).
إنَّ الإنسان الذي يتماهى مع العالم الموجود موضوعيًّا يؤوْل إلى بناء شخصية أو حسٍّ بـ ذات، فيكون من حيث الأساس، متكلاً كليّاً على البُنى المتغيِّرة أبداً للوجود الزمني. وما ينجم عن ذلك من إنعدام أيِّ حسٍّ بالديمومة وبالإستقلالية يؤدي بمثل هذا الفرد إلى إختبار القلق بأنواعه كافة، وفي المآل، إلى الإنصراف عن النماذج السرَّانية ذات المغزى الجمعي للوجود الإنساني لصالح الإنكفاء على سياق ذاتي شخصي وخانق، تستهلك الحياةُ نفسَها في إطاره دون الرجوع إلى أيِّ مخطط أو نظام أوسع. والقنوط والإلحاد واليأس هي نواتج حياة كهذه.
ما هي الذات؟
ليست الذات المبنية زمنيًّا هي الذات الحقيقية: الذات الحقيقية هي الوعي الأسمى الموجود والمتواصل فيما يتعدى كلَّ زمان ومكان الذي أطلق عليه يونغ اسم الوعي المحض أو الذات، في تمييز قاطع له عن وعي الأنيَّة، الذي هو الصورة المبنية والمحافَظ عليها زمنيًّا للوجود المنفصل(6).
أما أهم تعاليم الغنوصية فهي أنها كانت تُعلِّم بوجود نوعين من الألوهية: وهذا الشكل الأخير للوعي الدنيوي طابَق الغنوصيون بينه وبين النفس، بينما طابَقوا بين الذات أو الوعي المحض وبين الروح بمعنى العقل المنعتق من سياقه وقيوده الزمنية.
ولقد كان لهذا التمييز دورٌ هام في الفكر الغنوصي، وقد أخذ به القديس بولس بصفةٍ أخص في مذهبه في القيامة الروحية (الرسالة الأولى إلى الكورنثيين 15/44). والأساس النفساني أو التجريبي لهذا الرأي، هو الإقرار بعجز العقل البشري عن تحقيق مساعيه العظمى مادام خاضعاً للقانون وللنظام الصارم لكوسموس لامبالٍ ومتعالٍ إن التمييز بين الروح والنفس الذي يُترجَم إلى التمييز الأكثر أساسية بين العقل والجسم وربما يحتِّم هذا التمييز أصلاً. يعيِّن بداية موقف مُسْتَعْلٍ ومخلِّصي تجاه الكوسموس والوجود الزمني بصفة عامة.
وجود الإنسان:
تتضمن الخبرة الأساسية للوجود التي وصفتْها الفلسفةُ التي تُعْرَف الآن بـ الوجودية شعورًا عامًّا بالعزلة والهَجْر، أي الإنقذاف في ... إلى عالم لا ينصاع لرغبات الإنسان الأصلية(*).
إن الإعتراف بأن رغبة الإنسان الأولى أو الأولية هي في تحقيق أو ترسيخ ذات أو أنا عيانية فرد مستقلٍّ ومنفصل موجود ومستمر وسط فيض الواقع الزمني والخارجي وجريانه. يؤدي إلى إدراكٍ مزعج بأن العالم ليس متجانساً مع الكائن البشري. إذ إن هذا العالم على ما يبدو يتبع مسلكه الخاص المسلك المخطَّط له والمحرَّك مسبقًا قبل مجيء الوعي البشري بوقت طويل. لا بل إن النشاط الأساسي للإنسان أي تحقيق ذات مستقلة ضمن العالم يُنفَّذ على تضادٍّ مع سلطان أو إرادة. (قوة الطبيعة) يبدو وكأنها تُحبِطُ هذا المسعى الإنساني بإمتياز أو تُفسِده على الدوام، بما يقود إلى الإقرار بوجود قدرة مضادة للإنسان، وبالتالي مضادة للعقل، وهذه القدرة، بما أنها فاعلة على ما يبدو، موجودة حتماً. غير أن حقيقة، أنَّ فعل تلك القدرة لا يتجلَّى كإتصال بين الإنسانية والطبيعة أو الموضوعية المحضة، بل بالحري كصيرورة ميكانيكية للضرورة العمياء، في معزل عن المسعى البشري، تضع الكائن الإنساني في مقام أعلى. إذ على الرغم من أن قوة الطبيعة قد تمحق موجوداً فرديّاً بشريّاً ما محقاً اعتباطيّاً بالسهولة ذاتها التي توجِده بها فإن هذه القوة الطبيعية ليست واعية بنشاطها. أما العقل البشري، فهو على العكس، واعٍ بما يفعل. وبهذا تحدث فجوةٌ أو صَدْع كنتاج للإنعكاس.
قد يتمكَّن الإنسانُ من خلاله أن يوجِّه نفسه، لبرهة وجيزة، مع ونحو العالم الذي يوجد فيه ويستمر. وقد وصف مارتن هيدغِّر تلك البرهة الوجيزة من التوجُّه مع العالم وفيه نحوه بوصفها رعاية هي دومًا رعاية واهتمام بـ اللحظة التي يحدث فيها كلُّ وجود. وهذه الرعاية. الإنسان هو راعي الوجود. تُفهَم بوصفها نتاجاً لإقرار الإنسانية بحتمية كينونتها نحو الموت. لكن هذا التوجُّه لا يكتمل أبداً، من حيث إن النفس البشرية تكتشف أنها لا تستطيع تحقيق غايتها أو تحقُّقها التام ضمن الحدود التي وضعتْها الطبيعة. وفي حين أن الضرورة المقيِّدة للطبيعة هي حقيقة بسيطة غير قابلة للشكِّ في نَظَر الوجودي. فإنها عند الغنوصيين نتاجٌ لمخطَّطات خبيثة من وَضْع إله أدنى هو الديميورغوس، تمَّ تنفيذُها عبر قانون هذا الإله الجاهل وبه. بعبارة أخرى، فإن الطبيعة، في نَظَر الوجودية الحديثة، لامبالية فقط، في حين أنها كانت عند الغنوصيين معادية بالفعل للمسعى الإنساني: إن القانون الكوني، الذي كان معبوداً ذات مرة كتعبير عن عقل يمكن لعقل الإنسان أن يتواصل معه في فعل التعرُّف، لا يُرى في حالتنا هذه إلاَّ في مظهره القسري الذي يُجهِض حرية الإنسان(*).
وبذلك يؤول الزمن والتاريخ إلى فهمهما كمنشأ للعقل البشري على الضدِّ من مفاهيم مثالية عبثية من نحو القانون والنظام والمعرفة، من هذا المنطلق، تصير مسعى عيانيًّا مهمة مخلِّصة للنفس يكلَّف بها الجنسُ البشري. والذات إذ تعي نفسها، تكتشف كذلك أنها ليست ملكاً لنفسها حقّاً، بل هي بالحري أشبه ما تكون بالمنفِّذ اللا إرادي لمخطَّطات كونية. والمعرفة الغنوص قد تحرِّر الإنسان من هذه العبودية. ولكن بما أن الكوسموس معاكِس للحياة وللروح، فإن المعرفة المُنجِيَة لا يمكن لها أن تهدف إلى الإندماج في الكلِّ الكوني وإلى الإنصياع لقوانينه: فعند الغنوصيين لابدَّ لغربة الإنسان عن العالم من أن تُعمَّق وتتسنَّم ذروتَها من أجل إستخلاص الذات الباطنة التي لا يمكن لها أن تفوز بنفسها إلاَّ على هذا النحو(*). إذ ذاك يصير السؤال البيِّن من أين جئنا؟. أكثر معقولية في محاذاة وضمن السؤال الأكثر دينامية إلى أين نمضي؟...
التأويـل:
في سياق التفكير الإغريقي القديم، غالبًا ما تلازمتْ كلمةُ تأويل مع كلمة فن، فيما عُرَف بـ فن التأويل، الذي ناقشه أرسطو في رسالته في التأويل.
والتأويل، بحسب أرسطو، لا يقودنا إلى معرفة مباشرة لمعنى الأشياء، بل إلى مجرد فهمٍ للكيفية التي تؤوْل بها الأشياءُ إلى الظهور أمامنا، وبذلك يزوِّدنا بمنهاج إلى المعرفة التجريبية، إذا جاز التعبير: علاوة على ذلك، يُعَدُّ الخطابُ تأويلاً لأنَّ العبارة الخطابية إنما هي قبضٌ على التعبير المعنوي الحقيقي، وليست طائفة من الإنطباعات المزعومة القادمة من الأشياء ذاتها(**).
بهذا المعنى، يجوز أن نقول إن فنَّ التأويل طريقةٌ تاريخية بامتياز لفهم الواقع أو للتفاهم معه. بعبارة أخرى، بما أن تعبيرنا هو دوماً طرح، أي خروج من الأشكال أو النماذج الجاهزة للواقع باتجاه استعمال حيٍّ لتلك النماذج مع الحياة وفيها إذ ذاك فإننا بوصفنا كائنات إنسانية مستمرة في عالم الصيرورة مسؤولون، في التحليل الأخير، ليس عن الحقائق الأبدية أو الأشياء في ذاتها، بل فقط عن الصور التي تتخذها تلك الأشياء ضمن سياق وجودٍ حيٍّ ومفكِّر. إذن، فالمعرفة أو الفهم لا يتناولان الأشياء السرمدية والأبدية في ذاتها، بل بالحري الصيرورة التي تنكشف من خلالها الأشياءُ أي الأفكار والموضوعات والأحداث والأشخاص. ضمن الصيرورة الوجودية أو الأونطولوجية للصيرورة المعرفية فالإنتباه إلى الصيرورة وإلى إنبثاق المعنى يحدث على المستوى الإختباري الأكثر مباشرة للوجود البشري، وبالتالي فهو لا يتصف بأية صفة ميتافيزيقية. غير أن ولادة الميتافيزيقا قد تتعيَّن ضمن البِنية الأصلية أو الظاهرية للخبرة الأساسية الخام، إذ إن العقل البشري مفطور على تنظيم معطياته وترتيبها بحسب مبادئ عقلانية.
بيد أن السؤال الذي سينطرح حتماً هو عن أصل إشتقاق تلك المبادئ العقلانية: أهي نتاج مشتق من العالم الظاهري للتجربة؟ أم أنها، على نحو ما، مستوطِنة للعقل البشري بما هو كذلك، وبالتالي أزلية؟ إذا اتخذنا السؤال الأول إجابةً نصل إلى الفينومينولوجيا، التي تكتشف، بدلاً من ذات مثالية محبوسة ضمن منظومة من المعاني، كائنًا حيًّا اتخذ منذ الأزل عالَمًا العالمَ أفقًا لكلِّ مقاصده(*). وبحسب الصياغة العامة المعاصرة أو ما بعد الحداثية، فإن مثل هذا الكائن الحي مقود دائمًا وفقط بشكل مقصود، نحو عالَم أو فلك تعددي، حيث النشاط البشري نفسه يصير الهدف الأوحد للمعرفة، في معزل عن أية مُثُل أو ترسيمات ميتافيزيقية متعالية. من جانب آخر، فإن الغنوصيين، الذين اشتغلوا ضمن السؤال الثاني وعليه وأعطوا عنه جوابًا إيجابيًّا وإن يكن مشوبًا بشيء من الشاعرية الميثولوجية، يذهبون إلى أن المبادئ العقلانية، التي تبدو وكأنها مستمَدة من مجرد التَّماس مع الواقع المحسوس، تُعَدُّ تذكيرات بوجودٍ موحَّد هو إمكانية أبدية، مُتاحة لأيِّ فرد قادر على التسامي فوق عالم التجربة والصيرورة هذا أي عالم التاريخ لا بل على خَرْقه. وهذا الإختراق عبارة عن فعل موازنة النفس ضمن التاريخ وفيه وعن توجيه النفس نحوه، بوصفه نَوَساناً بين الماضي والحاضر، فيه يتمالك الفردُ نفسَه للأخذ بأحد خيارين: إما الخضوع لفيض وجريان وجود كوني خارج عن مركزه بالدرجة الأولى، أو الكفاح في سبيل إعادة الإندماج في الألوهة التي يكاد ألا يستذكرها والتي هي أشد إبهامًا من الإدراكات المباشرة للواقع.
إلى أين نمضي؟
هذا التساؤل يقع في اللبِّ من التفسير الغنوصي، وهو بالفعل يلوِّن ويوجِّه سائر محاولات التوافق ليس فقط مع العهد القديم اليهودي الذي مثَّل النصَّ الرئيسي الذي أعمل فيه الغنوصيون تأويلهم، بل مع الوجود بعامة أيضاً. إن المقترَب التأويلي المعياري، في كلا عصرنا الحالي وفي الأزمنة الهلينية المتأخرة، هو نهج التلقِّي. أي التعاطي مع نصوص من الماضي تعاطيًا يحكمُه، من جهة المؤوِّل، اعتقادٌ بأن هذه النصوص تنطوي على ما يمكن لنا أن نتعلَّمه. وسواء كنَّا نكافح من أجل تخطِّي أحكامنا وافتراضاتنا المسبقة، التي هي النتيجة الحتمية لإنتمائنا إلى موروث معيَّن عن طريق الفعل التأويلي غدامر، أو كنَّا نسمح لأحكامنا المسبقة بتشكيل قراءتنا للنص، فإننا، من جراء فعل استهتار إبداعي (بلوم)، ما نزال نعترف، على نحو ما، بما ندين به للنصِّ الذي نتعاطى معه أو باتِّكالنا عليه. أما الغنوصيون، في قراءتهم للكتاب المقدس، فلم يعترفوا بمثل هذا الدَّيْن، إذ إنهم اعتقدوا بأن الكتاب العبري صُنِّف، بوحي من إله خالق أدنى، مليئًا بأكاذيبٍ القصد منها تشويش عقول وأحكام البشر الروحانيين الذين عزم هذا الديميورغوس على استعبادهم في هذا الكوسموس المادي. وبالفعل، بينما ينطوي منهج التلقِّي التأويلي على وجود شيء ما نتعلَّمه من النص، فإن الطريقة التي استعملها الغنوصيون التي يمكن تسميتها منهج الوحي. تأسَّست على فكرة أنهم أي الغنوصيين تلقَّوْا وحيًا فوق كوني، إما على هيئة نداء أو رؤيا أو حتى، ربما، من خلال إعمال الجدل الفلسفي. وهذا الوحي كان هو معرفة غنوص أن الجنس البشري غريب عن هذه الدنيا وأن له مسكنًا سماويًّا في الملأ الأعلى حيث تصير الرغباتُ العقلانية للعقل البشري إلى إيناعها التام الكامل.
إنطلاقًا من هذا الإعتقاد، فإن المعرفة كلَّها مُلْك للغنوصيين أولاً، وكلُّ تأويل للنصِّ الكتابي إنما غايته تفسير الطبيعة الحقيقية للأشياء بالكشف عن أخطاء الديميورغوس وتحريفاته وهذا المقترَب تَعامَل مع الماضي كشيء تمَّ تجاوزُه أصلاً، لكنه ما ينفك حاضراً مادام بعض أفراد الجنس البشري يكابدون تحت الناموس القديم. أي ماداموا يقرأون الكتاب المقدس قراءة المتلقِّي. أما الغنوصي، مادام يحيا في الدنيا بوصفه كائناً موجوداً، فهو من ناحية أخرى، حاضر ومستقبل في آنٍ معاً. أي أنه يجسِّد في ذاته الديناميةَ الخلاصية لتاريخٍ على قطيعة مع قيد الماضي الإستبدادي، وَجَدَ حرية إبتكار نفسه من جديد. لقد فهم الغنوصي نفسَه بوصفه، في آنٍ معاً، في القلب من التاريخ، وفي نهايته، وفي نقطة الأوج منه وهذه الفكرة أو المثال انعكس انعكاساً قويًّا للغاية على التأويل الغنوصي القديم. فلننتقلْ الآن إلى مناقشةٍ للنتائج العيانية لهذا المنهج التأويلي.
الميثولوغوس الغنوصي:
الفكرة أو المفهوم الغنوصي ليس ابن منهاج أو نظرة فلسفية إلى العالم، إذ إن الرؤية الغنوصية للعالم تأسَّست بالحري على حَدْس بوجود هوَّة جذرية، تبدو غير قابلة للردم، بين عالم المكابدة من جانب، وبين عالم الكينونة الحق، أي الوجود في مظهره الإيجابي والخلاق والأصيل. والمشكلة التي واجهها الغنوصيون هي كيفية تعليل مثل هذا الحدس الجذري ما قبل الفلسفي. وهذا الحدس هو ما قبل فلسفي لأنَّ الخبرة الخام للوجود في عالم مُعادٍ لأشواق الجنس البشري، يمكن لها أن تُسلِسَ ذاتها للعديد من التأويلات، ومحاولة التأويل قد تتخذ شكل إما القصة أو العقل. إما مجرد ترجمة وصفية للخبرة، وإما رواية مرتَّبة عقلانيًّا لمثل هذه الخبرة، تتضمَّن شرحاً لأصولها. وقد قُيِّض للتعليل الإغريقي القديم لهذه الخبرة أن يدعوها رهبة أو دهشة أولية، يشعر بها الإنسان وهو يواجه العالم الذي ينتصب بكلِّ هذا الإستقلال عنه، ثم يضع هذه الخبرة كبداية للفلسفة(*). لكن الغنوصيين رأوا هذه الرهبة بوصفها نتاجاً لإختلال جذري في تناغمِ عالمٍ دائم فيما يتعدى الصيرورة أي فيما يتعدى الصيرورة بمعنى المعاناة. أو ما يُكابَد. وتتوافق القصة دائمًا مع الترجمة الفورية التي قام بها امرؤٌ كابَدَ مكابدةً مباشرة تأثيرَ حَدَثٍ ما، وهي دوماً تعليلٌ لشيء معروف أصلاً، وبالتالي تحمل إدِّعاءها الحقيقةَ بين طياتها، مثلما أن فورية حَدَثٍ ما تحول دون أيِّ شكٍّ أو تشكيك فيه من جانب مكابِده. أما العقل، من ناحية أخرى، فهو نتاج تفكُّر متأنٍّ يحيل من حيث حقانيَّته، ليس إلى اللحظة الفورية لـ التقاط الظاهرة، بل إلى لحظة التفكُّر التي يبلغ المرءُ في أثنائها معرفةً مفهومية للظاهرة ويكون أول مَن يعرفها بما هي كذلك وذلكم هو الغنوص: البصيرة.
والنتيجة المباشرة لهذا الغنوص هي الإنبعاث من حسِّ الوجود كـ مكابدة إلى فعلية الكينونة كـ شعور. أي تلقِّي الخبرة والحكم عليها عن طريق معايير عقلانية أو محض إلهية. ومثل هذه المعايير ينبع مباشرة من العقل، أو المبدأ المنظِّم الإلهي، الذي إعتقد الغنوصيون أنهم متصلون به عن طريق النَّسَب الإلهي.
وعلى الرغم من أن الأونطوثيولوجيا علم اللاهوت الوجودي الغنوصي تنبسط عن طريق أسطورة متقنة السَّبك، فإنها أسطورة يُخبِر عنها العقل دومًا فهي، إذن، بهذه المثابة، ميثولوجيا حقيقية. أي أنها رواية، عِبْرَ آنيَّة اللغة، لما هو حاضر أبدًا عند الغنوصي كنتاج لتفكُّر ممتاز.
نحن الإنسانية:
بحسب الميثولوجيا الغنوصية عموماً، موجودون في هذه الدنيا لأن إحدى أفراد الألوهة المتعالية، صوفيا الحكمة، رغبت في تحقيق كمونها الفطري للإبداع من دون إذْنٍ من شريكها أو زوجها الإلهي وكبرياؤها، في هذا الصدد كان بمثابة مادة خام، ورغبتُها التي توجَّهتْ إلى الآب السرِّي المبهم. تجلَّتْ بوصفها بلصباؤوت، الديميورغوس مبدأ الكون والفساد المرتد ذاك، الذي عِبْرَ ضرورته الجبرية، يَهَبُ الكائناتِ جميعاً الحياة، للحظة وجيزة، ثم يقضي عليها بالموت إلى الأبد. غير أنه بما أن الملأ الأعلى ذاته، بحسب الغنوصيين، ليس مستثنى من الرغبة أو الهوى لا مندوحة من تدخُّل حَدَثٍ خلاصي أو مخلِّص أي المسيح، الكلمة، الرسول، ينزل إلى العالم المادي من أجل إبطال الأهواء كافة والارتقاء بـ الشرارات الإنسانية البريئة التي سقطت من صوفيا إلى مرتبة الملأ الأعلى(*). وإن صيرورة الإندماج من جديد هذه مع الألوهة وفيها هي واحدة من المعالم الأساسية للأسطورة الغنوصية. والهدف من هذا الإندماج ضمناً هو تأسيس سلسلة من الموجودات متأخِّرة أونطولوجيًّا عن صوفيا، وهي التجسيد العياني لرغبتها المُصدِّعة ضمن الحلبة الموحَّدة للملأ الأعلى. فبالفعل، إذا كان الملأ الأعلى حقًّا هو الإمتلاء، الحاوي على الأشياء كلِّها، فلا بدَّ أن يحتوي المبادئ العديدة لتوق الحكمة.
بهذا المعنى يجب ألا ننظر إلى الخلاص الغنوصي كقضية وحيدة الجانب وحسب: فـ الشرارات الإلهية التي سقطت من صوفيا، في أثناء آلامها، هي مظاهر غير مندمجة بعدُ للألوهة. في وسعنا القول، إذن، أن الإله الغنوصي الأسمى يسعى أبدًا، بالمعنى الهيغلي، إلى تحقُّقه الخاص عن طريق الوعي الذاتي الكامل(*).
لكن الأمر ليس بهذه البساطة فعلاً: فإله الغنوصيين الأسمى يلد الملأ الأعلى من غير جهد، ومع ذلك. أو ربما لهذا السبب يتفق لهذا الملأ الأعلى أن يسلك في استقلالية عن الآب وهذا لأن جميع أفراد الملأ الأعلى المعروفين بالأيونات هم أنفسهم جذور وينابيع وآباء(**).
يحملون الزمن في أنفسهم كشرط من شروط كينونتهم. حين أزعج الإختلال الذي نجم عن رغبة صوفيا الملأ الأعلى، لم يُفهَم هذا الأمر كاختلال لوحدة مسبَّقة الرسوخ، ولكن بالحري كاختلالٍ لركود لا يطاق، قُيِّض له أن يُحتَفى به بوصفه إلهيًّا. وبالفعل، عندما نظر الإغريق إلى السماء للمرة الأولى وأُعجِبوا بانتظام دوران النجوم والكواكب، فإن ما أُعجِبوا به بحسب الغنوصيين ليس صورة الألوهة، بل صورةٌ أو تمثيلٌ لركود إلهي، لقانون ونظام خَنَقا الحرية، التي هي أصل الرغبة(***).
إن آلام صوفيا إنتاجها للديميورغوس، استعباده لـ الشرارات الإنسانية في الكوسموس المادي، الفداء والتجديد اللاحقين، ليست إلاَّ فصلاً عرضيًّا في الدراما المتفتِّح اللانهائي للوجود الأرضي. ونحن بوصفنا بشرًا، اتَّفق لنا أن نكون الضحايا غير المقصودين لهذا الدراما. وإذا كان خلاصنا، كما يذهب الغنوصيون، عبارة عن صيرورتنا آلهة(****). أو سادة على الخلق وعلى كلِّ فساد فالنتينوس المقطع وليتون كيف نكون واثقين من أنه في أزمنة قادمة لن يضع أحدُنا كونًا ملعونًا آخر، مثلما فعلتْ صوفيا؟
الغنوسية المسيحية:
كان للفكرة المسيحية القائلة بأن الربَّ قد أرسل ابنه الوحيد الكلمة ليتألَّم ويموت من أجل خطايا البشرية جمعاء، وبهذا يجعل الخلاص متاحاً للجميع، وَقْعٌ عميق على الفكر الغنوصي. ففي المجموعة الواسعة والهامة من الكتابات الغنوصية المكتشَفة في نجع حمادي مصر في العام 1945، ليس ثمة غير حفنة منها من الممكن أن تكون نشأت في وسط ما قبل مسيحي، هلِّيني يهودي على الأغلب، ذلك أن غالبية هذه النصوص هي كتابات مسيحية غنوصية تعود إلى الفترة من أوائل القرن الثاني وحتى أواخر القرن الثالث الميلادي، وربما بعد ذلك بقليل. وعندما ننظر في مفهوم الخلاص ومعناه عند الغنوصيين الأوائل، الذين ركزوا على المظهر الخلاق لوجودنا ما بعد الخلاصي، يذهلنا التأكيدُ الجريء الذي مفاده أن حاجتنا إلى الخلاص نشأت، في المقام الأول، من خطأ إقترفه كائنٌ إلهي، هو صوفيا الحكمة، إبان قيامها بفعلها الخلاق(*).
وبما أن الحال هي كذلك، كيف نتساءل قطعاً سيكون وجودُنا فيما بعد الخلاص أقل تعرضاً للغلط أو للجهل، وحتى للشر؟
لقد قدَّمتْ الرسالةُ الجذرية للمسيحية الأولى الجوابَ على هذا السؤال الإشكالي، وبهذا التقط الغنوصيون الفكرة المسيحية وحوَّلوها، بقوة فنِّهم القصصي العقلي، إلى ترسيمة تأملية فلسفية ولاهوتية التركيب.
- النوع الأول: وهو الإله السامي. أو العظيم. وهذا الإله يرأس سلسلة كثيرة الحلقات من الآلهة المتميزين الواحد عن الآخر في الدرجة والسلطان قد انبثعوا سواء من هذا الإله الأعظم أو خرجوا الواحد من الآخر، وهذه الكائنات سواء كانت منفردة منعزلة أو كانت أزواجاً فإنها كوّنت معاً ما يسمى المجموعة الإلهية، وقد حدث خلل في هذه المجموعة نتيجة لسقوط أحدها؟ ولكن هذا الكائن الإلهي الذي سقط سيرد إلى رتبته وطهارته عندما تتم عملية الفداء.
- النوع الثاني: وهو يشبه النوع الأول من حيث النظام والتكوين. ولكنه يختلف من حيث النوع لأنَّ الذي يرأس هذه المجموعة إله شرير. الإله الذي خلق المادة. نصف الإله وقد ساعد الإله. وتعاون معه الآلهة الأشرار والمخربون، والصراع بين إله الشر وأعوانه. وإله الخير وأعوانه مستمر(7).
غير أن المرء ما يلبث أن يجد، بعد أن يقال كلُّ شيء ويُفعَل، أن خطأ صوفيا واستيلاد كونٍ أدنى هما حدثان يتبعان قانوناً محدداً للضرورة، وأن ما يُسمَّى ثنوية الإلهي والأرضي هو حقًّا انعكاسٌ وتعبيرٌ عن التوتر المعيِّن الذي يشكِّل كينونة الإنسانية. الكائن البشري.
أثناسيوس الرسولي واكليمنضس الإسكندري والغنوسية:
ويرجع أصول الغنوسية إلى القرنين الأول والثاني ق م مثل المقالات المبكرة للمجموعة الهرمسية والكتابات العبرية الرؤيوية وخاصة الفلسفة الأفلاطونية والكتب اليهودية المقدسة وكان من أبرز كبار قادة الغنوصيين في القرن الرابع بالإسكندرية هم باسيليدس وكربوكراتس وفالنتينوس. وقد حذر القديس أثناسيوس الرسولي من خطرهم على العقيدة المسيحية بينما قام القديس اكليمنضس الإسكندري بوضع دراسات تحليلية لعقيدة فئات غنوصية متعددة وحاول أن يؤسس غنوصية مسيحية حقيقية.
التعاليم الغنوصية:
1- تؤمن الغنوصية بالثنائية وتفصل بين العالمين الروحي والمادي.
2- إعتقدت الغنوصية بأن الكون شيئ مادي خلق نتيجة لنزول الحكمة وقال بعضهم إن العالم هو أصلا من صنع إله مزج بين الإنسان الأبدي وعناصر الشر. وأن الإله له القدرة على إصلاح العالم. وقالت الغنوصية بأن خلق الكون المادي قد خرج من الكون الإلهي بواسطة سلسلة انبثاقات طويلة أو قصيرة.
3- قسّم الغنوصيون المؤمنين بها إلى طبقتين: الروحيون الذين هم نفوس مستنيرة والجسديون أو الماديون وهم عبيد المادة. وأضاف بعض فئات الغنوصيين فئة النفسانيين وهم طبقة متوسطة.
4- أرجع الغنوصيون إكتسابهم للمعرفة السرية بواسطة الصبر والمثابرة على إستقامة الأخلاق والإستنارة الفجائية التي تمكنهم من إدراك الطريق الإلهي والكون وذواتهم. وقالوا إن هذه المعرفة تحرر البشر وتكشف لهم أسرار الحق.
5- أعتقد الغنوصيون أنهم تبحروا في فهم المعرفة والحكمة فقالت جماعة منهم هي جماعة ناسن 200 م: إننا وحدنا نعرف أسرار الروح غير المنطوق بها.
6- وأعتقد الغنوصيين أن السيد المسيح هو مبعوث الله العلي الجالب المعرفة. وبما أنه الكائن الإلهي فقد إتخذ الجسد البشري ولكنه لم يتعرض للموت. فهو قد سكن مؤقتاً في جسد بشري.
7- آمن الغنوصيون بالقضاء والقدر.
دخل الغنوصيون في جدال عنيف مع معارضيهم من المسيحيين الأقباط الأرثوذوكس من قادة مدرسة أفسكندرية حول العلاقة بين العهدين القديم والجديد. فبينما أكد آباء الكنيسة على الحفاظ على العلاقة بين العهدين على أساس العلاقة الواحدة لروح الكتاب أبرز الغنوصيون المتناقضات بين ناموس العهد القديم والأناجيل. كما عاب الأرثوذوكس على الغنوصية إيمانها بالقضاء والقدر وبالعقيدة الثنائية.
لقد تركت الغنوصيّة أدب دعاية غزيراً إنتشر في الشرق الأوسط: في سورية مع الكسائيّة شيعة تحافظ على عادات يهوديّة. والمعمدانيّين الذين سيلدون التيّار المندعي أو العارفين.
وفي الإسكندريّة التي ظلّت مكان تخمير فكريّ. ومن هناك انتقلت إلى المراكز المثقّفة في عالم البحر المتوسّط رومة، أثينا.
في العالم الفارسيّ حيث ستنفصل عنها المانويّة في القرن الثالث. كان لهذا الأدب سوابقُ وثنيّةٌ ولاسيّما في مجموعة هرمس. ولكن حين أدخل النهج الغنوصيّ عناصر مسيحيّة. دخل في عالم المعمّدين والموعوظين.
من جهة، اقتدى الكتَّاب بالفنون الأدبيّة في الكتابات الرسوليّة فدوّنوا أناجيلَ ورؤىً لا رسائل لأنّهم لا يقدرون أن يزيّفوها.
ومن جهة ثانية، تخفّت المؤلَّفات تحت اسم رسل المسيح: توما، يعقوب، فيلبّس، برثلماوس، متّيّا... وهكذا عُرض تعليمُ المعلّمين الغنوصيّين في مؤلّفاتهم.
مثلاً: تفسير يوحنّا لهيراكليون، الذي سيرد عليه أوريجانس. رسالة من بطليموس إلى فلورا.
كتبها تلميذ إيطاليّ لولنطينس واحتفظ بها إبّيفانيوس. وانتقل التقليد الدينيّ لباسيلديس (بين 120 و150). وولنطينس (بين 135 و160). من خلال الأدب المنحول، فانتشر في أوساط واسعة إنَّ مسيح الإيمان قد أعطى تعاليم سريّة لبعض تلاميذَ مختارين، قبل إنطلاقه من هذا العالم أو بعد قيامته. واتّخذ مضمونُ هذا التعليم شكلَ أقوال إنحرفت فيها بعض الموادّ الإنجيليّة الأولى عن معناها، فأعيد تفسيرها وتأليفها، وصيغت صياغةً جديدةً وموسّعة. إنّ إنجيل توما يعود إلى القرن الثاني وإلى محيط سوريّ. يعطينا أمثلة عن هذه العمليّات المختلفة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
البدعة أو الهرطقة الغنوصية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى عشاق سوريا الأسد :: كوكتيل عشاق سوريا الأسد :: تاريخ & آثار & سياحة-
انتقل الى:  
مواقع صديقة
البدعة أو الهرطقة الغنوصية Uousuu10>