جليد القلمون ماء ساخن في الصيفي... وارتباك سياسي

المرشح هاغل استقال احتجاجاً على قرار فتح سفارتي واشنطن في دمشق وطهران
بوتين في تركيا للشراكة مع إيران والسعودية ومصر في «أصدقاء سورية» الجدد
جليد القلمون ماء ساخن في الصيفي... وارتباك سياسي

تشرين الثاني 29, 2014

أسرار استقالة وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل بدأت تتكشف تدريجياً بما يتعدّى مجرّد الخلاف الغامض في الرأي حول الاستراتيجية المعتمدة لمواجهة «داعش» في سورية، فهاغل الجمهوري الذي شكل كما أحبّ الرئيس الأميركي باراك أوباما أن يظهر بإدارته دائماً جامعاً لرموز من الحزبين، يشارك أوباما الكثير من الآراء والمواقف، لكن كما تنشر مواقع أميركية، فقد تداول الجمهوريون اسم تشاك هاغل كمرشح رئاسي محتمل، وطلبوا منه تصوّراً للتعديلات التي سيدخلها على السياستين الخارجية والدفاعية لو قيّض له أن يكون رئيساً، ليتبناها الحزب في حملته الانتخابية، فأوضح هاغل أنه كان سيمتنع عن فتح سفارة واشنطن مجدداً في دمشق وطهران، وسيترك الأزمة السورية مفتوحة والتفاوض مع إيران بالتزامن مع العقوبات إلى اللانهاية، ويضع استراتيجية عقد من الاستنزاف على جبهات سورية وأوكرانيا وإيران، من دون التفريط بفرص التعاون مع روسيا وإيران في مواجهة الإرهاب، لكن من دون إغضاب الحلفاء الفرنسي والتركي والسعودي.

قرّر الجمهوريون أن يصيغ هاغل صورته كرجل دولة منفصلاً عن أوباما ليبدأ تاريخه السياسي الخاص كمرشح، من بوابة الاستقالة في يوم نهاية المفاوضات مع إيران، وأن يبلغ الرئيس أوباما استحالة بقائه طالما أنّ البيت الأبيض قرّر إعادة فتح السفارتين الأميركيتين قبل الربيع المقبل في دمشق وطهران.

بالتزامن مع حركة هاغل والتعقيدات التي يضعها الجمهوريون في طريق أوباما، بدت مفاعيل تفاهمات فيينا سارية، وتحرير الأرصدة الإيرانية المجمّدة يسير في شكل سلس وطبيعي، ورفع العقوبات عن عشرات الشركات والمؤسسات الإيرانية يتتابع، بينما بدت روسيا تمسك قصب الحركة السياسية في الشرق الأوسط، فبعدما بدا أنّ زيارة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن إلى أنقرة قد مهّدت الطريق لزيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التي تبدأ الاثنين إلى أنقرة، حيث سقطت أوهام الرئيس التركي رجب أردوغان حول أفق لتغيير الموقف الأميركي وقبول ربط الحرب على «داعش» بمواصلة الحرب على سورية، وما نقله قياديون في الائتلاف المعارض عن لسان أردوغان من يأس تجاه الحرب على سورية، تأتي زيارة بوتين، لتعرض على تركيا الشراكة في مجموعة جديدة تسمّى «أصدقاء الحلّ في سورية» تدعم المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا وتضمّ الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن ومعها الدول الإقليمية الفاعلة إيران وتركيا والسعودية ومصر، حاملاً تصوراً للحلّ السياسي والأمني، بعدما نقل الإيرانيون معلومات عبّر عنها نائب وزير الخارجية الإيراني حسين عبد اللهيان بتصريح قال فيه إنّ بمستطاع التعاون الإيراني ـ التركي فعل الكثير لحلّ الأزمة في سورية.

العنوان الذي يجمع كلّ مفاصل الحركة الدولية والإقليمية لا يزال هو نفسه، الحرب على الإرهاب ومواجهة خطر تمدّد «داعش»، وخصوصاً بلوغها الخط الأحمر الذي تمثله السعودية، ويبقى لبنان الساحة التي تشكل الخاصرة الرخوة لتظهير مشاهد التصعيد والتبريد، وحيث الارتباك السياسي يمنع القيادة السياسية للحكومة من التصرّف بمصادر القوة التي يملكها لبنان، خشية خسارة بعض الأمزجة الشعبية التي تتضامن سراً مع المجموعات المسلحة وفكر «النصرة» و»داعش»، كما ظهر في معارك طرابلس، عبر مواقف قادة تيار المستقبل وفي مقدّمهم وزير العدل أشرف ريفي بتقديم التغطية لمن بدا في نهاية المطاف أنهم قادة «النصرة» و»داعش»، وهو يصرّ على تسميتهم مجرّد شباب من أصحاب الدم الحار، يتحركون تحت تأثير ردّ الفعل على سلاح حزب الله.

جليد القلمون الذي يحرك المسلحين بضغط الوقت لفعل شيء قبل الاختناق بحصار الثلوج، تحوّل إلى حرارة في شوارع بيروت حيث يتحكم قادة المسلحين بتحرك أهالي العسكريين المخطوفين، تحت ضغط التهديد بقتل أبنائهم، والجديد كان ما قاله وزير الداخلية من أنّ الطرق لن تقطع بعد اليوم، واستخدام الماء الساخن لتفريق تجمّعات الأهالي.

لبنان موزع المشاعر بين التضامن مع قلق الأهالي على أبنائهم، وبين عدم التهاون مع حضور «النصرة» و»داعش» عبرهم لفرض شروط مهينة ومذلة على لبنان، بينما التساؤل كان وسيبقى، لماذا لا تنصب مشنقة في ساحة الشهداء ويعلن وزير العدل أنه سيصدر القرار بتنفيذ حكم الإعدام المصادق عليه قضائياً بحق رموز الإرهابيين الذين يفاوض المسلحون لإطلاق سراحهم مع ذبح أول عسكري لبناني مخطوف؟في هذه الغضون، شهد الشارع اللبناني أمس مواجهة عنيفة بين أهالي العسكريين المخطوفين ووزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق بعد أن أوعز الأخير إلى قوى الأمن الداخلي فتح طريق الصيفي بالقوة والتي أقفلها الأهالي في إطار تصعيد تحركهم احتجاجاً على عدم حل قضيتهم.

ودخل رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط على خط التصعيد، حاملا «قميص العائلات المفجوعين بأبنائهم»، معتبراً أن «الدولة فقدت عقلها» وداعياً المشنوق من دون أن يسميه، وبعض الوزراء، إلى «التواضع».

وكان الهرج والمرج ساد منطقة الصيفي بعد إقفالها من جانب أهالي العسكريين واعتصامهم في وسطها، لكن سرعان ما عمدت القوى الأمنية إلى فتح الطريق بالقوة ، ورشت سيارات الدفاع المدني الأهالي بالمياه لتفريقهم.

وإثر هذا الحادث، طالب الأهالي وزير الداخلية نهاد المشنوق بـ «الاستقالة لأن القوى الأمنية تجاوزت الخطوط الحمراء في الاعتداء على النساء والشباب».

وحمّل الأهالي في بيان «الدولة بحكومتها المسؤولية الكاملة في حال تمت تصفية أي جندي مخطوف، واعذرونا، إذا فلت الأمر من أيدي الأهالي لأننا مستعدون أن نموت ولا نرى أحداً من أبنائنا يموت». وقالوا: «كنا نبلغ السلطات الأمنية بأي تحرك ولكن بعد اليوم لن نبلغ أحداً بأي تحرك وسيكون مفاجئاً لهذه الدولة ولهذه الحكومة».

وأكّد المشنوق من جهته، أن «التصعيد الذي قام به أهالي العسكريين المخطوفين لن يؤدي إلا إلى تعطيل البلد»، مشدداً على أن «الطرقات لن تقفل بعد اليوم لأنها ليست الحل لعودة العسكريين».

وقال في تصريح من السراي الحكومي: «إذا كانت استقالتي تحرر المخطوفين فأنا حاضر». ولفت إلى أن الأهالي يديرهم الخاطفون مشدّداً على أننا «لن نستسلم لمزاج الخاطفين بتعطيل البلد وتسكير الطرقات».

وردّ الأهالي على المشنوق بالقول: «أنت بعملك تطلب الدم في ساحة رياض الصلح والصيفي وأولادنا أغلى منك». كما توجهوا إلى رئيس الحكومة تمام سلام بالقول: «كل الكلام الذي كنت تعدنا به كله في الهواء، وتبين انك لا تمون على وزير». فيما اعتبر أن «ما حصل غير مبرر إلا لرغبة إظهار القوة الغاشمة والفاشلة في غير مكانها»، متمنياً لو أن «هذه الشِدّة استُعملت في تحرير العسكريين المختطفين بدل استعمال البطولة الوهمية بحقّ أهاليهم».

وسارعت «جبهة النصرة» إلى استغلال هذه الأجواء، فأعلنت بعد الظهر عبر حسابها على «تويتر» أن «هناك ثماني ساعات فاصلة بين إطلاق سراح الموقوفة جمانة حميد، أو تنفيذ القتل بحق العسكري الأسير علي البزال»، ليعود الأهالي إلى قطع طريق الصيفي لبعض الوقت وإعادة فتحها لاحقاً، بعد سريان أنباء عن أن الجبهة تراجعت عن تهديدها بإعدام أحد العسكريين بعد مساع وتواصل غير مباشر من الأمن العام اللبناني، لكن مصدراً في الجبهة أكد لوكالة «الأناضول» أن «الجبهة لم تتراجع عن قرار إعدام العسكري البزال، أو تمدد المهلة»، مشدداً على أن «المعادلة واضحة وهي إخراج سجينة بلبنان مقابل وقف الإعدام».

ولم تستبعد مصادر متابعة لهذا الملف، أن يقدم الإرهابيون على قتل أحد العسكريين أو أ كثر ، إلا أنها استبعدت أن يتم تصفية جميع العسكريين، لأن من شأن ذلك أن يفقد الإرهابيين أوراق الضغط والابتزاز ضد الحكومة.

وأكدت المصادر لـ»البناء» أنه آن الأوان لوضع نظام محكم لإدارة هذا الملف، من خلال انكفاء الأهالي من الشارع، واندفاع الحكومة بأوراق القوة التي تمتلكها وهي كثيرة، لإنهاء هذا الملف.

ولم تستغرب مصادر مطلعة مواقف جنبلاط في هذا الملف، وأوضحت لـ»البناء» أن جنبلاط يحاول أن يمارس دور المسؤول عن شؤون البلد وأنه المرجعية الوطنية المكلفة تحصيل حقوق الناس.

ورجحت المصادر أن يكون الخلاف بين جنبلاط والمشنوق مرده إلى شركة «سوكلين» التي انتهى عقد تلزيمها ويعمل مجلس الوزراء على إيجاد حل لمشكلة النفايات، وفيما يحاول جنبلاط عبر وزرائه الضغط من أجل حل هذا الملف في هذه الفترة ويتمسك بورقة ضغط مطمر الناعمة، يواجه من قبل المشنوق الذي يستخدم سياسة تمييع الملف والتسويف والتأجيل.

«الدستوري» يرد الطعن في التمديد

في الشأن السياسي، وكما كان منتظراً، رد المجلس الدستوري الطعن الذي تقدم به التيار الوطني الحر ضد قانون التمديد للمجلس النيابي. ولفت «الدستوري» إلى أن الغاية من قراره هو «عدم التمادي في حدوث الفراغ في المؤسسات الدستورية»، معتبراً «أن تمديد ولاية مجلس النواب يتعارض مع المبادئ التي نصت عليها مقدمة الدستور ومع مفهوم الوكالة النيابية وفق المادة 27 من الدستور، غير أن الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد على الصعيد الأمني يبرر تمديد الولاية ولكن لا أحد يستطيع أن يتكهن بأن الظروف الاستثنائية ستستمر سنتين وسبعة اشهر».

وأكد المجلس «أن دورية الانتخابات مبدأ دستوري لا يجوز المس به مطلقاً، وأن ربط إجراء الانتخابات النيابية بالاتفاق على قانون انتخاب جديد أو أي ظرف آخر عمل مخالف للدستور».

وتعليقاً على قرار «الدستوري»، أكد أمين سر تكتل التغيير والإصلاح النائب إبراهيم كنعان لـ»البناء» «أننا سنستلم اليوم قرار رد الطعن لدراسته وعلى ضوء ذلك سيكون للتكتل موقف». ولفت إلى أن الطعن «كان انطلاقاً من قناعاتنا ومبادئنا حفاظاً على النظام الديمقراطي، وعدم مصادرة قرار الشعب».

وأعرب كنعان عن «أسفه أن الإرادة السياسية التي تُخضع المؤسسات لا تزال تمارس السياسة نفسها»، مؤكداً «أن ما حصل يأخذنا إلى التشبث أكثر بمواقفنا الإصلاحية على مستوى الإدارة والقضاء والمال العام وتكوين السلطة».

وأمس نقل النائب جورج عدوان عن رئيس المجلس النيابي نبيه بري قوله: «إن قانون الانتخاب قضية أساسية ومهمة للغاية لعمل المجلس النيابي، وهو يواكب بكل دقة أعمال لجنة التواصل التي تدرس القانون من خلال رئيسها . وجرى البحث في طريقة تسريع الأمور، لأن مهلة الشهر المعطاة للجنة لانجاز عملها تقترب من نهايتها».

» محادثات «كسر جليد» بين أوباما وبوتين
» محور المؤامرة على سورية في تخبط وارتباك
» خط ساخن بين الكرملن و قصر الروضة
» مخترق حتى العظم... أردوغان يكتشف جهاز تنصّت في مكتب منزله وفي سيارته ؟؟ وهو في حالة ذهول وارتباك ؟؟
» أسرار القلمون: هذا ما تخبئه المنطقة المشتركة بين القلمون اللبنانية والسورية