من يجرؤ، فليعترف بغبائه !

من يجرؤ، فليعترف بغبائه !

"لن اقبل بمهمتي الا في تسوية روسية-اميركية"، قالها الاخضر الابراهيمي غداة اعلان اسمه كمندوب اممي وعربي الى سوريا لخلافة كوفي انان.



من يجرؤ، فليعترف بغبائهجملة صغيرة صرّح بها الاخضر الابراهيي مع اعلان اسمه من قبل امين عام الامم المتحدة، كخلف لكوفي انان في مهمته لايجاد حل سياسي للازمة السورية، وهو (الابراهيمي) الذي ينتقي كلماته بعناية فائقة، لدرايته بتفاصيل واسرار السياسة الدولية، بسبب خبرته الطويلة في العمل الدبلوماسي الدولي، التي بدأها منذ العام 1954 بتمثيله جبهة التحرير الوطني في جاكرتا ابان الثورة الجزائرية.

مع بداية الاحداث في سوريا، كان الابراهيمي يراقب جيدًا من على شاشة تلفازه، جدّية النبرة واللهجة التي تكلم بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عندما قال ان نتائج المواجهة في سوريا ستحدد شكل السياسية العالمية الجديدة.

اكثر ما أثار الاستغراب، عندما بدأت التحركات الشعبية في سوريا تأخذ طابعها العسكري مع بداية الازمة، وخرجت الاصوات الاسرائيلية والتركية المنقولة اميركيًا، دون ان ننسى النَسخ الخليجي الدائم للكلام الاميركي، تتحدث عن مهلة ايام واسابيع متبقيّة امام النظام السوري ليسقط.

لو بقيت هذه الاصوات صراخًا اعلاميًا او احاديث لشخصيات سياسية، لما سُجّلت على رصيد الفشل السياسي لهذا الحلف الاميركي، الذي يسوق معظم الدول الغربية لصالحه، ولكن مع تحوّل هذا الصراخ الى تصاريح سياسية لرؤساء وحكومات وسياسيي هذه الدول، تأكدت جديّته كمخطط سياسي يشكل الصفحة الاولى من روزنامة الحياة السياسية لحكومات الحلف.

فهل آمنت حقًا هذه الدول بقدرتها على تنفيذ هذا المخطط؟ في الظاهر نعم. لذا أيعقل ان دول بهذا الحجم من القوة والقدرة والخبرة السياسية، غاب عن ذهنها المصالح الروسية والايرانية في سوريا، مع ما ترتبط به روسيا من تحالف عالمي متمثل بحلف البريكس القوي اقتصاديًا وسياسيًا؟ ام ان الاقمار الاصطناعية الغربية ما عادت ترى على شاشات كاميراتها الاسطول العسكري الروسي الوحيد في الشرق الاوسط على سواحل طرطوس؟

اذا جاء جواب هذه الاسئلة ايجابيًا، فهل وصل الغباء في العالم العربي الى حد اصبحت حكوماته تنجرّ وراء سخافات سياسية لا ترتبط باي دراسة ميدانية وعملية بصلة؟

مع ثبات النظام السوري في موقعه طوال هذه المرحلة العصيبة التي مرّت عليه، ومع وصول التحركات الميدانية على الاراضي السورية الى حد اشتداد الخناق على المسلحين في مدينة حلب، ومع تغلغل المشكلات الى الداخل التركي من تأثيرات الازمة السورية، وتورّط حكومة اردوغان في تفاصيل احداثها، اصبح الافق مسدودًا امام المخطط الاميركي - الاسرائيلي للمنطقة.

لطالما شكلت منطقة شرق آسيا عقدة السياسة العالمية، منذ محاولات السيطرة الغربية على خط تجارة الحرير فيها الى يومنا هذا، وكانت وما زالت فسيفساء شعوبها الدينية والعرقية وتداخل المصالح العالمية في ارضها عنصر غموض لمن يجهلها ولا يعايش يومياتها، لهذا فان الازمة الحاصلة في سوريا بحاجة اليوم الى عقلاء يستقرئون الواقع الحقيقي للمنطقة ليجدوا لها الحل.

لهذا كله، كان كلام الخبير الاخضر الابراهيمي في احدى الحوارات الصالونية، وفي سياق رده على سؤال عن سبب عدم سعيه لاقناع الاسد بتقديم استقالته، "كان يُقال ان استقالة الرئيس سليمان فرنجية هي الحل لانهاء الحرب في لبنان، لكن فرنجية استقال وانتهت رئاسة الياس سركيس وامين الجميل ولم تنته الازمة اللبنانية".