«حزب الله» يتسلّل الى عكّا ويُسيطر على مُستعمرة اسرائيلية؟كيف يُمكن للاحتلال الاسرائيلي، أن يتعامل مع التطورات الدراماتيكية الحاصلة على جبهة الجولان؟ في ضوء الاكتساح العسكري الذي يحققه الجيش السوري ضد المجموعات الاسلامية المتطرفة التي يصفها جنرالات الحرب الاسرائيليون ومعهم الغرب بـ |المعتدلة|، وما هو حجم الارباك الذي سيغرق فيه المجتمع الصهيوني حكومة وجيشا ومستوطنين، أمام المخاوف الحقيقية التي تؤكد لديهم على ان ايران نجحت في ايجاد حدود مشتركة معهم في الجولان، باتت تشكل ساحة لعب مريحة.
لم يُوقف الاحتلال الاسرائيلي مناوراته العسكرية التي تحاكي حربه المقبلة مع “حزب الله” على الجبهة الشمالية، بل تتزايد وتيرة هذه المناورات التي تهدف الى تدارك ما لم يتم تدراكه خلال عدوانه على لبنان في تموز العام 2006، والذي انتهى بهزيمة مدوية، ما تزال اصداؤها تتردد داخل المجتمع الصهيوني. آخر مناورات الاحتلال، كانت تلك التي اجرتها ما يسمى “الجبهة الداخلية الاسرائيلية” في منطقة عمكيم شمال فلسطين المحتلة، في اطار الاستعدادات التي تجريها لمواجهة حرب لبنان الثالثة المحتملة، واطلق عليها اسم “اسبوع طوارىء”، وهي تستغرق اسبوعا كاملا.
وقالت صحيفة “معاريف” الصهيونية عن المناورة، ان جنود الجبهة الداخلية وطواقم الطوارىء، تدربوا على سيناريوهات خطيرة من بينها سقوط صواريخ مجهزة برؤوس متفجرة ثقيلة، على ابنية سكنية ومنشآت عامة، اضافة الى خوض مواجهات في جبهات عدة في وقت واحد، وسقوط عدد كبير من المصابين والمحتجزين وسقوط طائرات من دون طيار وسط تجمعات سكنية، وسيتم تدريب الجنود الاسرائيليين على منظومة الانذار من خطر سقوط صواريخ، من خلال اللجوء الى نظام الرسائل الشخصية للسكان، تنذرهم بسقوط صواريخ في المناطق التي يتواجدون فيها، اضافة الى التدريب على سيناريوهات معقدة تطلق فيها الصواريخ من الأراضي السورية واللبنانية في توقيت واحد.
ولفتت الصحيفة نفسها، الى احد السيناريوهات اطلق عليه “سيناريو الصدمة”، وفيه يسقط عشرات المصابين وتُحتجز اعداد اخرى في ابنية مدمرة، وتقوم طواقم الاسعاف والنجدة بالتدرب على مواجهة مجموعات من حزب الله تتسلل الى مدينة عكا، وتنفذ هجوما ضخما، كما يتدرب فريق آخر على سيناريو السيطرة على مجموعة أخرى لحزب الله احتلت مستوطنة مهجورة قريبة من الحدود اللبنانية.
وتنقل الصحيفة عن مسؤول رفيع المستوى في جيش الاحتلال قوله : إن الأمر الجديد هو ادارك العدو (حزب الله)، أن السلاح الاستراتيجي بالنسبة إليه هو نقل المعركة الى الداخل الاسرائيلي، وهذا ما ادركته حماس خلال عدوان عملية “الجرف الصلب” الصيف الفائت وهذا ما يدركه حزب الله جيدا.
وينظر الاحتلال الى ما يجري في سوريا من معارك، بعين الريبة، وسط مخاوف حقيقية بات يعبر عنها الاعلام الصهيوني، الذي يشير الى ان اكثر ما يخيف اسرائيل، نجاح ايران في الوصول الى حدود مشتركة مع اسرائيل، عبر جبهة الجولان، فيما بات الاسرائيليون مقتنعين بان اسقاط نظام الرئيس بشار الاسد لم يعد يشكل حاجة ملحة للغرب..مصلحة واحدة تشعر بها اسرائيل اليوم، وهي استمرار المعارك بين “المعارضة” في سوريا والجيش السوري الذي يشكل الخصم الاكثر ازعاجا لاسرائيل.
وترى صحيفة “هآرتس” في هذا السياق، انه مع انتهاء السنة الرابعة من اندلاع الحرب في سوريا، فان اي تطورات تبدل وجه المعركة لم تحصل، وتقول : ان الهجمة التي تقودها الولايات المتحدة منذ الصيف في سوريا والعراق لم تضيق الخناق على «داعش» فحسب، وإنما أحكمت قبضة الرئيس السوري بشار الأسد على المناطق الموجودة تحت سيطرته، والخطر المباشر لسقوط النظام انتهى، واسقاط الاسد لم يعد يشكل حاجة ملحة للغرب، فوجهة النظر الإسرائيلية تؤكد أن مواصلة القتال بين المعسكرات المتطرفة في سوريا ضد النظام تخدمه، والجيش السوري الذي كان قبل عدة سنوات الخصم الأكثر إزعاجا للجيش الإسرائيلي استنزف بشدة في هذه الحرب، ومواصلة القتال الذي يتنازع فيه معسكران معاديان لإسرائيل أفضل لها، والواضح أن حزب الله مصمم على تحصين الوضع الجديد السائد على طول الحدود السورية اللبنانية التي يرى فيها جبهة مع إسرائيل، وهناك مصلحة واضحة للإيرانيين أيضا، ففي الأشهر الأخيرة أوجدت إيران لنفسها حدودا مشتركة مع إسرائيل، وتواجد قوات الحرس الثوري في الجولان السوري وعلى الحدود اللبنانية أصبح حقيقة مفروغاً منها. وإذا كان هناك حقاًّ توجه لإيران نحو اتفاق طويل الأمد مع الدول العظمى بشأن برنامجها النووي، ففي المقابل وجدت طهران طريقا لردع إسرائيل عن كثب، هذه ساحة لعب مريحة بالنسبة لطهران، التي لا تجازف فيها بدفع ثمن مباشر.
ويقول محلل الشؤون العسكرية في القناة العاشرة التابعة للعدو ألون بن دافيد في صحيفة “معاريف”، إن إيران في سوريا تستعد مع حزب الله للسيطرة على الحدود مع الجولان وأن هذه السيطرة ستفتح أمام إسرائيل جبهة جديدة ومباشرة مع إيران. ويلفت الى أن هجوم إيران وحزب الله والقوات السورية ضد المعارضة المسلحة في الجولان يتم بشكل بطيء، لكنه بدأ يطرح تساؤلات عن سريان مفعول السياسات الإسرائيلية، ويزعم ان الاسرائيليين “حرصوا” على عدم التدخل في الحرب الأهلية في سوريا، باستثناء المساعدة “الصامتة” لجزء من المعارضة السورية المسلحة وتقديم المساعدة “الإنسانية”، لكن ليس أكيداً أن إسرائيل قادرة على أن تبقى غير مكترثة أمام ما يحصل في الجولان، فرص أن يستقر حزب الله وإيران على الحدود يفرض أيضا على قيادة الجيش الاسرائيلي أن تعيد النظر في سياستها، إما البقاء كمتفرجين على الحياد … أو التدخل في الحرب هناك.
المأزق الذي يشعر به مسؤولون سياسيون وعسكريون، جراء الهزائم القادمة من جبهتي جنوب لبنان وغزة، واضيفت اليهما جبهة جديدة في الجولان، دفعت برئيس الموساد الاسبق شافيت بأن يرى رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو بانه مصاب بالعمى السياسي، ويقول : ان كل ما فعله نتنياهو بالملف الايراني شكل خطأ واحدا كبيرا. فقد ألحق هذا ضررا باسرائيل وانا واثق انه سيكلفنا ثمنا في المستقبل، فبدلا من توحيد القوى مع التحالف الذي يقاتل “الاشرار”، نجد أنفسنا نقاتل ضد حليفنا الاكبر (الولايات المتحدة الاميركية)، واذا كان هناك أحد يمكنه ان يشير الي بشيء ما ايجابي نتيجة هذا النزاع، فسيسرني أن استمع اليه.
شافيت وهو واحد من اصل 183 شخصية من كبار المؤسسات الامنية والاستخباراتية الصهيونية، اطلقوا منظمة «قادة من أجل أمن اسرائيل”، يسأل نتنياهو، لماذا حررت 1200 “مخرب” بعد سنوات من الترويج ضد هذا الأمر؟ أجب. (المستوطنون) سكان غلاف غزة الذين يخافون العودة الى بيوتهم اين الامن الشخصي الذي وعدتهم به؟ لماذا سمحت لانفاق “حماس” ان تصل تقريبا الى رياض الاطفال؟ والاهم لماذا بعد خدمة عشرات السنين في “الموساد” كنت مستعدا فيها لان اضحي بحياتي من أجل “الدولة”، تجعلني خائنا، فقط لاني احاول أن امنع الحرب التالية؟.
* الديار