الشعب التركيّ آتٍ لإسقاط أردوغاننور الدين الجمال – صحيفة البناء
يؤكد بعض الخبراء في الشأن التركي أن معركة كسب والريف الشمالي في اللاذقية تم الحشد والتحضير لها قبل مدّة غير قصيرة وبعلم الاستخبارات التركية، وتمّت بداية الهجوم على كسب التي تبعد مئات الأمتار فحسب عن الحدود التركية بمئتي مقاتل يضعون الأقنعة على رؤوسهم وهم من التركمان ودرّبوا تحت إشراف الجيش التركي، ودخلوا كسب تحت غطاء ناري ومدفعي تركي كثيف، وتبعتهم مجموعات إرهابية وتكفيرية انطلاقاً من معسكر قريب الحدود التركية ـ السورية يضم نحو أربعة آلاف مسلح.
يقول المطلعون إن حكومة رجب طيب أردوغان واستخباراته كانت تعتقد أن مفتاح الحل للأزمة المستعصية بالنسبة إلى المجموعات الإرهابية هو في اللاذقية، لذا كان الهجوم الكبير على كسب وبعض مناطق الريف الشمالي. بيد أنه رغم هذا الحشد الكبير والدعم التركي المباشر له، لم يتمكّنوا من التمركز في النقطة 45، وقتل منهم حتى تاريخه نحو ثلاثة آلاف مقاتل، فضلاً عن مئات الجرحى الذين نقلوا إلى المستشفيات التركية.
حول نتائج الانتخابات البلدية الأخيرة يقول الخبراء في الشأن التركي إن النتيجة التي حصل عليها أردوغان لا يمكن تسميتها نجاحاً، علماً أن عملية تزوير كبيرة حصلت في العاصمة أنقرة، ما دفع أحزاب المعارضة إلى تقديم طعون لإعادة فرز الأصوات فيها، فجميع استطلاعات الرأي قبل الانتخابات كانت تشير بوضوح إلى فوز المعارضة في أنقرة واسطنبول، فلم تشهد في تاريخها مثل هذه الانتخابات الفاشلة، وما حصل هو رد فعل شخص حشر في الزاوية نتيجة فضائح الفساد والرشى ومخالفة الدستور والقوانين، والنتيجة التي حصل عليها لا يمكن أن تبقيه في الحكم طويلاً، فالانتخابات قانونية لكنها ليست شرعية.
يشير الخبراء أنفسهم إلى أن رئيس وزراء تركيا يشرف شخصياً على عملية الانتهاكات للقوانين، فهو يأمر بسجن الصحافيين الذين لا يؤيدون سياسته، وفي ليلة واحدة يمكن أن يمسي المرء متهماً، والقمع الذي يقومون به ضد رجال الإعلام واضح، وفي ظل هذا النواقع تعيش تركيا أسوأ مراحل تاريخها منذ نشوء الجمهورية، حتى أن الحكم العسكري في مراحل سابقة لم يكن بهذا السوء وستدفع السلطة للشعب ثمن كل جريمة ارتكبت في حقه، فالطرفان متساويان أمام القانون، علماً أن بعض القضاة يصدرون الأحكام وأوامر الاعتقال، لكن أجهزة الأمن لا تنفذ، وإذا نفّذت يطلق سراح الأشخاص في فترة وجيزة، ولذلك لا أحد يضمن حياته.
عن أحزاب المعارضة يقول الخبراء إن قوة الأحزاب المعارضة في مجلس النواب ضعيفة ولا تؤهلها لإجراء تغييرات دستورية، ولذلك مهما نكلوا وناقشوا وعارضوا في أي موضوع فهذا لن يغيّر شيئاً، فالرهان يبقى على الشعب التركي الذي عبّر عن رأيه في تظاهرات اسطنبول على نحو منقطع النظير وبقي لمدة شهر يتظاهر ضد أردوغان وحكومته وضد ما يحصل في تركيا، وخلال الفترة المقبلة يتوقع عودة التظاهرات بصورة أقوى وأشمل، فالشعب التركي لم يعد يحتمل الوضع ولم يحرك ساكناً منذ ثلاثين عاماً، لكنه نزل هذه المرة إلى الشارع وانتفض، والتظاهرات المقبلة ستكون أطول إذ فقدت السلطة الحالية شرعيتها بسبب الفساد والرشى وفضيحة الاجتماع في مكتب وزير الخارجية، فهل يمكن لسلطة ما أن تحرض ضد شعبها وترسل إرهابيين لقصف الأراضي التركية من داخل سورية لكي يمتلك أردوغان ذريعة دخول حرب ضد سورية والشعب السوري الشقيق للشعب التركي؟
أما دور الجيش التركي مما يحصل في تركيا فيرى الخبراء أن لا جيش في هذه المرحلة يمكن أن يقوم برد فعل إزاء هذه السلطة التي شكلت قوتها من خلال قوى الشرطة التركية التي يبلغ تعدادها نحو 300 ألف عنصر، بينما كان تعدادها نحو 60 ألفاً، فحزب العدالة لا يؤمن بقوة الدولة لذلك أنشأ قوة خاصة به، والشعب التركي مندهش جداً لأن ثمة دولة داخل الدولة، وخلال الفترة المقبلة سيتضح كل شيء للشعب التركي، ويمكن الاعتقاد بأن حزب العدالة يعيش مراحله الأخيرة ويفكر كيف يمكن أن ينقذ نفسه من الفضائح التي تورط فيها، والغريب أن أردوغان وبعض وزرائه والمقربين منه لا ينفون هذه الفضائح والفساد والرشى، بل يهمهم من يقف وراء كشف تلك الفضائح، لذا لجـأ أردوغان إلى تغيير عدد من القوانين ليحمي نفسه مستقبلاً من المحاسبة والمساءلة، وشكلت المحكمة الدستورية من أشخاص يدينون بالولاء لأردوغان وتم الاستيلاء على المؤسسات وتغيير القوانين لإطالة عمر حكم «حزب العدالة»، غير أن الشعب، بحسب الخبراء، سيعرف كيف يتخلص من نظام خدعه على مدى سنين طويلة!