لأردن ، الحاجة أم … الخيانة ..!

لأردن ، الحاجة أم … الخيانة ..!

الاحد , 23 شباط / فبراير 2014

أحمد الحباسى تونس

لأردن ، الحاجة أم … الخيانة ..! Oi8vcGFub3JhbWEuYWxtYWRpbmEubmV0ZG5hLWNkbi5jb20vd3AtY29udGVudC91cGxvYWRzLzIwMTQvMDIvbWVwYW5vcmFtYTIzMTAyNy5qcGc%3D

في الأردن هناك روايتان ، الأولى أنه يبذل جهودا خارقة للنأي بالنفس عن ارتدادات الوضع في سوريا بما في ذلك تجنب إظهار موقف علني مساند لما يسمى “بالثورة” السورية ، هذا الرأي أو جهة النظر على وجه التحديد لا تلقى صدى كبيرا في نفوس المتابعين العالمين ببواطن و خفايا السياسة الخارجية الأردنية ، الثانية أن النظام يقوم بدور محوري للإطاحة بالنظام السوري ، وجهة النظر هذه تستند طبعا إلى “تاريخ” العائلة الهاشمية في تعاملها مع سوريا و تاريخها أيضا في تعاملها مع كل القضايا العربية المهمة و من أهمها طبعا القضية الفلسطينية .
يبدو أن زيارة الملك الأردني إلى الولايات المتحدة الأمريكية منذ أيام قد أعادت ” شهية” الملك إلى نفس الدور المهين الذي كان يلعبه الملك حسين ، و لو أن الملك عبد الله لم يدخر جهدا في إبداء بعض التلميحات الخجولة المنتقدة للنظام السوري و التي أعتبرها البعض تدخلا فجا في هذا الشأن و تنفيذا لبعض مطالب دول خليجية بعينها تريد فتح أكثر من جبهة سياسية ضد النظام السوري و مطالب دول غربية على رأسها طبعا الإدارة الأمريكية و إسرائيل ، يبدو كذلك أن الوضع الاقتصادي الأردني يعانى من أزمة خانقة خاصة مع تفاقم الأزمة المالية العالمية و تراجع الاستثمارات و المساعدات الخليجية فضلا عن انعكاسات تدفق الآلاف من اللاجئين السوريين هربا من انتهاكات الجماعات الإرهابية السعودية.
الملك الأردني ضعيف بطبعه أمام الإغراءات الصهيونية الأمريكية الخليجية سواء من باب الانتهازية السياسية أو من باب رد الجميل لهذه الدول الحامية و الضامنة لاستقرار الأردن و ديمومة العرش ،و الزيارة أو الحفاوة البالغة كما يقول الإعلام الأردني التي وجدها الملك في واشنطن هذه المرة قد تدفعه هذه المرة إلى اتخاذ موقف حاسم بإسناد التدخل العسكري “المتعدد الجنسيات” في سوريا و المطالبة علنا برحيل الرئيس الأسد ، و إذا كان الملك قد كان أول من تحدث عن الهلال الشيعي ، فان الحديث اليوم يدور حول هلال سني قد بدأ يتشكل من السعودية إلى الكويت و قطر إضافة إلى الأردن و تركيا حتى يكون رأس الحربة في المعركة القادمة خاصة بعد فشل مؤتمر جينيف 2 نتيجة الضغوط السعودية و انحياز الإبراهيمي إلى جانب الولايات المتحدة و إسرائيل.
الإشارات القوية الصادرة على لسان صحيفة الثورة السورية منذ أيام قليلة و الردود الصحفية المعقبة على هذه الإشارات تكشف للمتابعين حالة من الغضب لدى الجانب السوري تلاقيها حالة من الإنكار المرتبك الأردني ، سوريا تدرك أن الأردن يقف إلى جانب الإدارة الأمريكية في رغبتها المتوحشة لمزيد إنهاك الوضع السوري ، تدرك أن الحفاوة الأمريكية الأخيرة ليست صدفة ، فالسياسة السورية لا تؤمن بالصدف و لا بالنفي الأردني ، تدرك أخيرا أن الأردن يقدم على مخاطرة كبيرة باتخاذه هذا الموقف العدائي للشعب السوري و للشعوب العربية المساندة للمقاومة ، و العالمون ببواطن الأمور الأردنية يفهمون هذه المرة أن هناك تحولا استراتيجيا مهما قد بدأ يتم من الجانب الأردن و أن هناك بحثا قد تناول قضايا و ترتيبات مرحلة ما بعد إسقاط النظام السوري ، بما يعنى أن الساعة الصفر لبداية انزلاق المنطقة نحو صراع عسكري محموم قد حددت بدقة في هذا الاجتماع و على طاولة عشاء الرئيس الأمريكي باراك أوباما.
تعهد الرئيس أوباما بتقديم ضمانات قروض للأردن بما يعنى أن الحكومة الأردنية ستتجه للأسواق العالمية المقرضة بثقل الضمانات الأمريكية و بثقل التسهيلات المعنوية التي سيقوم بها اللوبي الصهيوني في واشنطن ، من جانبه تعهد الملك بتقديم “ضمانات” و تسهيلات حتى يكون هناك ممر دائم و معبر مفتوح للهجوم الغربي الصهيوني الخليجي على سوريا للانتقام من صمود الشعب السوري ، و إذا فهمنا جيدا أن عملية إسقاط الرئيس الأسد ستأتي بحميد قرضاى جديد إلى سوريا و بعملية جمع و طرح واضحة فان الاقتصاد الأردني سينتعش كثيرا سواء من ناحية نمو المعاملات بين البلدين أو من ناحية صفقات إعادة الإعمار أو من ناحية وجود نظام عميل بجانب نظام عميل بما يوفر نوعا من الاستقرار و الهدوء بين الجانبين بعد سنوات من الجفاء و عدم التوازن.
لم يعد “التعاون” الأردني السعودي سرا ، فهناك غرفة عمليات مخابرات مشتركة تشرف على كل العمليات الدموية في سوريا ، و الأجهزة السورية المعنية تتابع هذا النشاط الأردني و تعلم جيدا أن بعض الضربات الجراحية ضد بعض العلماء و المرافق السورية المهمة هي فعل استخباري أردني ، و التواصل الأردني مع المعارضة السورية داخل و خارج التراب السوري ليس سرا أيضا ، و الأمير بندر يقيم في الأردن أكثر من إقامته في السعودية و إسرائيل ، عفوا الولايات المتحدة الأمريكية ، و رغم أن دور الأمير قد تراجع منذ فترة نتيجة تحولات معينة داخل العائلة المالكة و تحولات معينة داخل المطبخ السياسي الأمريكي الذي يضع خارطة طريق تنفذها كل الأطراف المستهدفة للنظام السوري ، فان هناك تحولا واضحا في السياسة الأمريكية يقود المتابعين إلى الاعتقاد بأن الأصوات المنادية بضرب سوريا لإنهاء المشكلة قد أقنعت هذه الإدارة باللجوء إلى الخيار العسكري رغم كلفته الكبيرة بما يضع الدور الأردني في قائمة الأولويات الأمريكية و يعطى تفسيرا للفاتورة التي سيقدمها النظام مقابل ذلك العشاء الفاخر في المزرعة الخاصة للرئيس الأمريكي المجرم .
في مجمل الأحوال لا أحد يستطيع أن يتنبأ بما سيحدث في قادم الأيام ، و كيف سيكون شكل الحرب القادمة و من هي الأطراف التي ستشارك فيها فعلا ، و من يمول هذه الحرب ، لكن الثابت أن أمريكا تدفع بالمنطقة إلى أتون حرب عربية -عربية طاحنة لا يمكن لأي بلد بما فيه الأردن أن يتحمل ارتداداتها و إرهاصاتها ، و إذا كان الملك الهاشمي يسبل لعابه بسبب المعونات الاقتصادية القادرة في غياب الدم الخليجي على إبقاءه في العرش خاصة في ظل شعور شعبي أردني عام بأن هذا النظام قد فقد مبررات وجوده و صار جزءا من منظومة فساد الأنظمة العربية المتواطئة مع المشروع الصهيوني ، فإن اللعب بالنار هذه المرة ستكون له عواقب وخيمة على مستقبل العرش الهاشمى.

» إيران تهدد خصوم دمشق بالباسيج إن اقتضت الحاجة
» العرب و الخيانة ، كل هذا العشق .
» فصائل عراقية: من المقاومة إلى الخيانة
» تعلم الخيانة بدون معلم .
» مثلث الخيانة - ادريس بومزوغ