سعودية وعشقي سوريا مراقبة عامة
عدد المساهمات : 29420 تاريخ التسجيل : 17/05/2012
| موضوع: آيسلندا: ثورة يجب أن تسمع بها الخميس سبتمبر 26, 2013 2:58 am | |
|
آيسلندا: ثورة يجب أن تسمع بها سبتمبر 25, 2013
دينا سترايكر / ترجمة: فادي إسبر يعتبر التقرير الذي أذاعه راديو إيطالي عن الثورة المستمرة في أيسلندا مثالا مدهشا عن قلة الأخبار التي تصلنا عن العالم عبر “الإعلام”. ربما يتذكر الأمريكييون أنه في بداية الأزمة المالية في 2008, أفلست أيسلندا بكل ما للكمة من معنى. ذُكرت أسباب الإفلاس باقتضاب, ومنذ ذاك التاريخ تم “تناسي” ما يحصل في ذلك البلد الأوروبي الصغير. فيما يسقط بلد أوروبي تلو الآخر ويتهدد آخرون بالسقوط, معرضين اليورو للخطر, بتداعيات تطال العالم كله,كان آخر شيء يرديه الأقوياء أن تصبح أيسلندا مثالا يتحتذى به, وهذه هي الأسباب: في خلال خمس سنوات من نظام نيو-ليبرالي صرف تحولت أيسلندا (320 ألف نسمة, لا يوجد لديها جيش), إلى إحدى أغنى الدول في العالم. في عام 2003 تمت خصصة جميع بنوك البلد, وفي مسعى لاجتذاب المستثمرين الأجانب, عرضت أيسلندا خدمات مصرفية منخفضة الكلفة والتي سمحت للمستثمرين بالحصول على عائدات مرتفعة. الحسابات المسماة “IceSave” اجتذبت الكثيرين من صغار المستثمرين الإنكليز والهولنديين. و لكن مع نمو الاستثمارات, نما الدين الخارجي للبنوك. في 2003 وازى حجم الدين الأيسلندي 200 % ناتجها القومي, وفي 2007 ارتفع إلى 900% من ناتجها القومي. أتت الأزمة المالية العالمية في 2008 لتكون رصاصة الرحمة. البنوك الأيسلندية الثلاث الرئيسية (لاند بانكي, كاوبتينغ , و غلينتير) أشهرت إفلاسها وتم تأميمها, فيما خسر الكرون الأيسلندي (العملة المحلية) 85% من قيمته أمام اليورو. في نهاية العام أعلنت أيسلندا إفلاسها. على عكس المتوقع, أدت الأزمة إلى استعادة الأيسلنديين لحقوقهم السيادية, عبر عملية من الديموقراطية المباشرة نجمت في النهاية عن دستور جديد. لكن الأمور لم تمض بدون متاعب. غيري هارده, رئيس الوزراء عن التحالف الاشتراكي الديموقراطي, فاوض على قرض مقداره 2.1 مليار دولار, أضافت إليه الدول الاسكندنافية 2.5 مليار أخرى. لكن المؤسسات المالية العالمية ضغطت على أيسلندا لاتخاذ إجراءات جذرية. أراد صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي الاستحواذ على ديون أيسلندا, مدعين أنها الطريقة التي تمكن أيسلندا من الدفع لكل من بريطانيا وهولندا, اللتان وعدتا بتعويض المستثمرين الذين خسروا أموالهم . استمرت التظاهرات وأعمال الشغب, مما أجبر الحكومة على الاستقالة. عقدت الانتخابات في نيسان 2009 وأسفرت عن تحالف يساري أدان النظام الاقتصادي النيو-ليبرالي, لكنه لبى مطالبه بأن تدفع أيسلندا ما يقارب 3.5 مليار يورو. تطلب هذا أن يدفع كل مواطن أيسلندي 100 يورو في الشهر لمدة 15 عاما, بفائدة بلغت 5.5%, لتغطية فشل البنوك والمؤسسات الخاصة. فكانت القشة التي قسمت ظهر البعير. ما حصل لاحقا كان أمرا مدهشا. فقد سقط الاعتقاد بأن المواطنين عليهم دفع ثمن أخطاء المؤسسات المالية, و أن دولة بكاملها يجب أن تدفع ثمن ديون خاصة, مما أدى إلى تغيير شامل في العلاقة بين المواطنين ومؤسساتهم السياسية, و أرغم السياسيين المنتخبين على الوقوف إلى جانب الشعب في نهاية الأمر. رئيس الدولة, أولاف رانغر غريمسون, رفض التصديق على القانون الذي كان سيجعل من مواطني أيسلندا مسؤولين عن ديون البنوك, واستجاب للدعوات إلى استفتاء. مثل ما كان متوقعا منها, زادت المنظومة المالية العالمية الضغط على أيسلندا. هددت كل من بريطانيا وهولندا بعزل أيسلندا. فيما ذهب الأيسلنديون إلى صناديق الاقتراع, هددت البنوك الأجنبية بمنع أي مساعدات من صندوق النقد الدولي. و هددت الحكومة البريطانية بتجميد الحسابات الأيسلندية. فيما قال الرئيس الأيسلندي: ” لقد قيل لنا بأننا إذا رفضنا شروط المجتمع الدولي سنصبح كوبا الشمال, و لكننا إن قبلنا تحولنا إلى هايتي الشمال!”. في استفتاء عام 2010 صوت 93% من الأيسلنديين ضد دفع الدين. على الفور جمّد صندوق النقد الدولي قرضه. لكن الثورة (والتي لم تنقلها التلفزيونات) لم تتوقف. بدعم من المواطنين الغاضبين, أطلقت الحكومة تحقيقات مدنية وجزائية بحق المسؤولين عن الأزمة المالية. ووضع الانتربول اسم سيغرود إينارسون الرئيس السابق لبنك كاوبتينغ وغيره من رجال القطاع المصرفي الذين هربوا بعد توريط البلاد بالأزمة على لائحة المطلوبين. لكن الأيسلنديين لم يتوقفوا عند هذا الحد بل قرروا صياغة دستور جديد للبلاد يحررها من براثن المؤسسات المالية العالمية. لكتابة الدستور الجديد انتخب الأيسلنديون 25 مواطننا من بين 522 مرشح لا ينتمون إلى أي حزب سياسي بل تم ترشيح كل واحد منهم من قبل 30 مواطنا على الأقل. هذه الوثيقة لم تكن صنيعة مجموعة من السياسيين بل تم بث اجتماعات اللجنة مباشرة عبر الانترنت, و كان بإمكان المواطنين إرسال تعليقاتهم واقتراحاتهم, وشاهدوا الوثيقة وهي تٌكتب. مسودة الدستور هذه و التي خرج عبر تطبيق الديموقراطية المباشرة ستٌطرح على البرلمان للموافقة عليه بعد الانتخابات القادمة. على مواطني اليونان و إسبانيا وإيطاليا الذين يقال لهم أن خصخصة القطاع العام وغيرها من شروط صندوق النقد الدولي هي الحل الوحيد لأزمتهم, عليهم أن يتعلموا من أيسلندا التي رفضت الخضوع للمصالح الأجنبية. ذلك البلد الصغير أعلن بكل وضوح وجرأة: المواطنون هم أصحاب السيادة. تعقيب المترجم: في الوقت الذي يتلاعب فيه الإعلام العالمي بعقول الناس, فيقول للأوروبيين والأمريكيين أنه لا يمكن إنقاذ اليونان من ديونها (وهو إنقاذ للبنوك الأمريكية والأوروبية الدائنة) إلا عبر أخذ أموال ضرائبهم وإعطائها لليونان لتدفعها إلى البنوك. وفيما يتلاعب نفس الإعلام عبر امتداداته الناطقة بالعربية بعقول الشعوب العربية ليظهر أميركا وأوروبا راعيتين للحرية والديموقراطية بشكل خيري ودون مقابل, وتظهر قروض البنك الدولي لمصر وتونس وليبيا على أنها هبات مجانية في سبيل الحرية. في خضم كل هذا التلاعب الدنيء بعقول الناس, قام الشعب الأيسلندي بثورته العظيمة وحرر بلده من براثن الرأسمالية العالمية مع تعتيم إعلامي دنيء من أغلب وسائل الإعلام الكبرى, إلا أنه وبفضل الإعلام البديل وخاصة على شبكة الإنترنت وصلتنا أخبار وإنجازات الثورة الأيسلندية, وأتمنى أن يمنحكم هذا المقال فكرة عنها لأنها بحق ثورة قويمة لا تشوبها أصابع الإعلام الرأسمالي القذر. http://sacsis.org.za/site/article/728.1
| |
|