دام برس:
في الأول من أيار ، ظهر الرئيس بشار الأسد مهنئاً عمال الكهرباء بعيد العمال العالمي. استطاع الأسد وعلى مدى سنوات ان يدحض كل الإشاعات التي تنال من هالته. وخلال الأزمة ومن المواقع الحساسة،كظهوره في باب عمرو حتى ظهوره الأخير، بدا الرئيس السوري الشاب بصورة القائد العسكري و القائد الشعبي الذي لا يضع حداً و لا عازلاً بينه وبين شعبه و محبيه من كل أقطار العالم.
لا يحتاج الأمر إلى مراكز دراسات أو مراكز إحصاء وأبحاث لكي نعلم بأن رئيس الجمهورية العربية السورية الدكتور بشار الأسد هو الرئيس العربي الأكثر شعبية اليوم كما الأمس و أكثر.
رغم الهجمة الهمجية من قبل قنوات الصرف الإعلامي و على رأسها تلك الفضائيات المدعومة من دول الخليج لتشويه صورة الرئيس الأسد إلا أن السياسة الخليجية حيال الدول التي شهدت أزمات وأسقطت رؤساءها كمصر و تونس وحتى اليمن جعلت من الشعوب العربية أكثر تنبهاً لما يبث من سموم في الإعلام.
حين بدأت الأزمة في تونس لم يسترد المشاهد العربي أنفاسه حتى وجد "زين الهاربين"بن علي في السعودية متوارياً عن الأنظار و يومها لم نر متضامناً واحداً مع بن علي.
وخلال الأزمة المصرية، شهدت مصر مسيرات متواضعة مؤيدة للرئيس المتخلي عن منصبه،وقد استطاع الإعلام التعتيم عليها و لكن الخبث الإعلامي لم يستطع التعتيم على المسيرات المليونية التي خرجت خلال الأزمة السورية في ساحة السبع بحرات في دمشق و ساحة سعد الله الجابري في حلب و غيرها من الفعاليات التي جابت كل المحافظات السورية .
لم يلتحق الشعب السوري بركب المصابين بالميكروب المخرِّب الذي تنشره الدول الخليجية في الدول العربية بغية السيطرة على الثروات النفطية الجديدة، فما كان أمام قطر و ليبيا والأردن والسعودية و من لف لفيفهم إلا توريد الإرهابيين بلادهم ومن شمال أفريقيا وأفغانستان والشيشان وقرغيزستان وأوروبا بهدف اسقاط النظام في سوريا.
ولكن أثبت الشعب السوري بأنه يلتحم حول مفهوم الدولة ومؤسساتها ولا يؤمن سوى بالسبل الديمقراطية من أجل التغيير، أما قلة قليلة ممن سولت لهم أنفسهم باعوا أنفسهم للشيطان القطري في تجارة لن يربحوا فيها، بل حتى أنفسهم ستكون ضمن لائحة الخسائر.
لم نشهد في أي بلد عربي مسيرة مؤيدة لحسني مبارك أو مسيرة مؤيدة لزين العابدين بن علي و لم يتعرف الشعب العربي علي عبد الله صالح إلا طبالاً للسياسة السعودية في المنطقة، أما الزعيم الليبي المقتول معمّر القذافي فالشعوب العربية التي كانت تنتظر نكاته و نوادره العربية لم تتعاطف معه سوى حين رأوه في براد الخضار القطري مقتولاً برصاصة خليجية بعد يوم واحد من زيارة هيلاري كلينتون الى ليبيا.
لن أتحدث عن جزر القمر او عن جيبوتي أو عن الرئيس الموريتاني الذي ازدادت شعبيته حين طرد الشيخ القطري و لن أذكر السلطان قابوس النائي بنفسه عن الذكر.بل سأكتفي بدول الخليج وأعرج بطريقي على الأردن و مصر و فلسطين و المغرب العربي.
أبدأ من الملك عبد الله السعودي ، من في الوطن العربي يحب هذا الرجل او يؤمن او يتوّهم بأن عبد الله آل سعود هو رجل حكيم سوى بعض المسترزقين من دوائر حكمه؟و متى شح المال شح مديح الطبّال؟ و لكن رغم دعم السعودية للإرهاب في سوريا فإنك تسمع داخل المملكة خطابات و عبارات تدعم الرئيس الأسد و تنصره و تعارض سياسة آل سعود في دعم المرتزقة التكفيريين.
سأفترض بأن قطر كلها بأهلها و حكامها تعارض النظام في سوريا و لكن الشعوب العربية و بعد انسدال الستار عن الوجه القبيح للشيخ القطري باتت بأجملها تعارض قطر.
كل الشعب العربي لا يحب حاكم البحرين العميل الأميركي و الوالي السعودي على الشعب البحريني. ما من مواطن عربي يمدح مرسي سوى من هم من حزبه الإخواني ، و كم عددهم؟ وهذا يعني بأن كافة الرؤساء العرب لا يحمل صورهم سوى المسترزق المستفيد. إلا صورة الرئيس بشار الأسد فما من احد حملها بيده إلا و حملها في قلبه أولاً.
رأينا صور الرئيس بشار الاسد في المسيرات الجوالة في لبنان من العاصمة حتى القرى الريفية وتابعنا ذلك في الإعلام، فالشارع اللبناني منقسم بين مؤيد للنظام و معارض له و لكنه لم ينقسم حيال مبارك أو بن علي.
في مصر، تشهد شوارع مصر صحوة مشهودة بعدما انكشف خبث الاخوان و مشروعهم المدعوم من الصهاينة العرب والأجانب فعادت صورة الأسد لترفع الى جانب صورة الرئيس الرمز جمال عبد الناصر. و في بلد المليون شهيد، في الجزائر لم تنكس يوماً صورة الرئيس الأسد فقد عرف الجزائريون باكرا مشروع الإخوان الدموي ، كما عادت الحناجر التونسية لتصدح في مديح الرئيس السوري مع ممارسات حزب النهضة الجاهلية و تحذير المنصف المرزوقي من استهداف قطر او النيل منها ، و ذلك بعدما كان المرزوقي يشغل دور الكومبارس في برنامج " الاتجاه المعاكس" على القناة القطرية.
في البحرين مؤيدون للأسد و في السعودية و في الإمارات العربية المتحدة أيضاً و ما أكثرهم في اليمن بجنوبه وشماله .و بالأمس خرجت مظاهرات حاشدة في العاصمة المغربية الرباط حمل فيها المشاركون صور الرئيس الأسد والاعلام السورية و لافتة كبيرة كتبوا عليها"مسيرة الشباب المغربي الداعم لسوريا الأسد".
في كل أقطارالوطن العربي تُرفع صورة الرئيس الذي استطاع ان يجابه العالم بمفرده على مدى عاميّن و نيّف.
حاشى لبشار الأسد أن يقارن ببن علي أو أن يقارن بحسني مبارك أوعلي عبدالله صالح او الحمديّن أو آل سعود و آل عيسى.
و لكننا استعرضنا هذه الأسماء لنثبت للعالم بأن شخصية هذا الرجل تتخطى حدود الوطن العربي و تصل الى كل أرجاء دول العالم، ونحن حين ذكرنا الوطن العربي كان بالرئيس الأسد أن يتقدم الرؤساء ليكون الرجل الأول من حيث الزعامة العربية.أن محبة الشعوب للرئيس العربي الشاب تشكل أحد أسباب الحرب الهمجية التي يشنها الحكام العرب على النظام في سوريا إذ إن بشار الأسد بات منافساً لهؤلاء الحكام في بلدناهم و له لدى مواطنيهم شعبية صادقة تفوق في كثير من الأحيان شعبيتهم الزائفة.
محمود الفقيه – كاتب و محلل سياسي لبناني