لعنة "قلعة النظام" تلاحق الجيش الحر... رواية الصعود والإنهيار

لعنة "قلعة النظام" تلاحق الجيش الحر... رواية الصعود والإنهيار
2013-02-22 04:25:18
خضر عواركة – عربي برس – دمشق

لم يكن معارضو محافظة إدلب يعلمون أن الحرية التي خرجوا من اجلها ستكون أكثر مرارة من ما أسموه دكتاتورية وبطش النظام السوري، فبعد سنتين على انطلاقة الأزمة أصبح الإدلبيون وخصوصا سكان الريف يتوقون شوقا للأيام الخوالي بعد معايشتهم للمجموعات المسلحة عن كثب، والتي تظاهرت بحماية المدنيين قبل أن تتضح أعمالهم "الثورية" التي لا تتعدى القيام بأعمال سرقة واغتصاب وتصفية حسابات شخصية وصولا إلى حد الاشتباك بين صفوف ابناء الثورة الواحدة.
حارم، سلقين، سرمدا، إسقاط، حفسرجة، كفرتخاريم وغيرها من بلدات في الريف الإدلبي أصبحت تشكل نموذجا حيا للثورة السورية بسبب محاذاتها للحدود التركية .
في هذه المنطقة تركت ميليشيا الحر عناء المعارك لتلتفت إلى الأهم بالنسبة لها: "التهريب، وجمع الأموال"، ما أدى إلى تغيير بوصلة المعارك، فقد أصبح مقاتلو الجيش الحر يشتبكون مع بعضهم بعضا، تارة بسبب تهريب المازوت، وأخرى من أجل المواد الغذائية" بحسب ما يقول أحد قادة لواء هنانو لـ"عربي برس".
وخلال حديثه، يشير القائد العسكري المتواجد حاليا في دمشق هربا من الأوضاع في محافظة إدلب السورية، "إلى تفشي عبارة خطيرة بين الثوار (فلنجمع ما يمكن جمعه من أموال، لأن النظام قد لا يسقط)" وهذا يشير إلى اعتراف ضمني بالهزيمة رغم أن معظم مناطق ريف إدلب محررة بحسب تسمية الميليشيات.
يصب القائد العسكري الفار من الثورة جام غضبه واتهاماته على أهل مدينة حارم المحاذية للحدود التركية، والتي دخلها الجيش الحر بعد حصار دام شهرين، قائلاً "هذه المدينة افسدت الجيش الحر، وجعلته ينقسم على نفسه، فمعظم سكانها اشتهروا بولائهم الأعمى للنظام الذي كان كريما معهم، فأمدهم بكافة أنواع السلاح، الأمر الذي مكنهم من الصمود بوجه مقاتلي الجيش الحر الذي حاصر المدينة ثلاثة أشهر متتالية دون أن يتمكن من دخول المدينة المشهورة بقلعتها".
يتابع القائد العسكري سرد رواية ما اسماه "لعنة الجيش الحر في حارم" ويشير إلى "أنه في الشهر الثاني من الحصار تـُرك أمر قيادة المعركة إلى لواء شهداء إدلب الذي استطاع تحقيق انتصارات سريعة بفضل حنكة قائده (باسل عيسى)".
ويضيف "سقط المجمع التربوي و مبنى أمن الدولة في غضون أيام معدودة، لكن الأمر الذي عكر بهجة الانتصارات المتتالية هو مقتل القائد العسكري باسل عيسى نتيجة قصف طائرات الميغ لمحيط قلعة حارم، وهناك بدأت مرحلة تراجع "الحر" ولواء شهداء إدلب بعد تضارب الروايات حول كيفية استهداف عيسى الذي يعرف أيضا باسم الخال".
ويؤكد القائد العسكري في سياق حديثه أن "المعلومات التي تحدثت عن تعرض (عيسى) لخيانة داخلية أفضت إلى كشف موقعه"، مضيفا أن "قيادة اللواء انتقلت إلى (مهند) شقيق عيسى".
ويتابع القائد العسكري "بعد مقتل عيسى مباشرة تغيرت الأمور في لواء شهداء إدلب"، مؤكدا أن أفراد اللواء لم يعدوا يبالون بطرد الشبيحة بقدر اهتمامهم بنهب المنازل، وسرقة السيارات والمصانع، وقطع الأشجار، وصولاً إلى عقد تحالفات مع شبيحة حارم للوقوف بوجه بعض كتائب وألوية الجيش الحر" .
ويشير إلى أنه "تم تهميش المقاتلين الشرفاء من هذا اللواء لمصلحة أشخاص انصب همهم الأول على جمع ثروة مالية على حساب الثورة، وأبرز هؤلاء حسام الباشي، ماهر عيسى، ومحمد بزارة، وعبد المنعم سليمان" .
ويتابع القائد أن "شبيحة حارم (وهم سُنة كما أهل حارم جميعا) الذين حوصروا في القلعة تمكنوا من كسب ولاء قادة لواء شهداء إدلب بالمال"، مؤكدا أن "هذا الأمر أدى إلى اندلاع اشتباكات بين أفراد من هذا اللواء كانت الغلبة فيه للـ"باشي" وزمرته التي انصرفت إلى تأمين الحماية الشخصية لكبار الشبيحة من آل رزوق على حساب دماء قائدهم باسل عيسى". والكلام والأوصاف الواردة في هذا التقرير دوما بحسب أقوال المصدر.
يسرد محدثنا عمليات السرقة التي يقول إن قادة لواء شهداء إدلب يقفون خلفها ويكشف "أن (محمد بزارة) سرق جميع ممتلكات المعهد الزراعي من حواسيب، ومجاهر الكترونية وعمل على بيعها في تركيا، كمل لم تسلم أشجار المعهد الزراعي من بطشه فأقدم على قطعها، وبيعها إلى السكان".
ويضيف أن "(محمد بزارة) أقدم بالتعاون مع الباشي وسليمان على سرقة جرّرات تنظيف البلدية وسيارة البلدية، ومعدات مديرية دائرة المياه من بطاريات ومولدات وفلاتر مياه إضافة إلى عشرين ألف ليتر من مادة المازوت المخصصة لمولدات الكهرباء".
وقال القائد العسكري أن "عناصر من لواء شهداء إدلب أقدموا على إضرام النار في سيارة القائد العسكري باسل عيسى التي كانت مركونة قرب دوار حارم، ثم بدأوا بتفيذ حملة اعتقالات طالت أبناء المدينة بتهمة إحراق السيارة"، مؤكدا أن "من تم اعتقاله بسبب هذه الحادثة تعرض لشتى أنواع التعذيب، ومنهم من اضطر إلى دفع مبالغ مالية ضخمة مقابل إطلاق سراحه" .
ويتابع القائد العسكري أن"الانفلات الأمني في إدلب عامة وفي مدينة حارم خاصة، أدى إلى تزايد المواجهات والاشتباكات بين كتائب الجيش الحر في حارم، ولواء شهداء إدلب"، مؤكدا "وقوع معركة بين الطرفين أدت إلى سقوط العديد من الإصابات، اجتمع على إثرها المجلس العسكري لمدينة حارم مع لواء إدلب لحل الإشكال على الرغم من أن مقاتلي حارم كان بإمكانهم حسم المعركة لصالحهم، وأخذ قادة لواء شهداء إدلب يماطلون قدر الإمكان بحجة التفاوض على جميع النقاط المطروحة".
وأكد القائد العسكري أن "هدف قادة اللواء كان انتظار وصول الإمدادات لهم من اجل استعادة السيطرة على المنطقة الأمر الذي أدى إلى تجدد الاشتباكات العنيفة التي لم تكن لتتوقف لولا تدخل لواء هنانو وجبهة النصرة وكتائب الجيش الحر المرابطة في المناطق القريبة.
ويكشف القائد العسكري المنشق عن الثورة أنه "تم الاتفاق في نهاية المطاف على بقاء عدد من عناصر لواء شهداء إدلب في حارم"، مؤكدا أنه قد "تمت في اليوم الثاني مهاجمة دورية تابعة لكتائب حارم، ووجهت الإاهامات بداية إلى الشبيحة الذين يحاولون الإمساك بزمام الأمور، ولكن أثناء تمشيط موقع إطلاق النار تبين أن لواء شهداء إدلب من يقف خلف استهداف الدورية بدليل عثور مقاتلي الجيش الحر على جثة عمّار الأحمد، وهذا ما أدى إلى إعادة إحياء التوتر بين الأطراف العسكرية في جميع مناطق الريف بمحافظة إدلب".

» لعنة "قلعة النظام" تلاحق الجيش الحر... رواية الصعود والإنهيار
» لعنة «سجن صيدنايا» تلاحق قادة «الجهاديين»
» "جبهة النصرة" تلاحق "الجيش الحر" وتصفيه في دير الزور
» الجيش الحر: 8 شروط للتحاور مع النظام السوري
» ميليشيا الجيش الحر بحلب يحتفل بسقوط النظام لمدة ساعة