في فيديو الذبح… علي لم يقل «أخخّ»لم تصدُر من الشهيد علي السيد صرخة “أخخ” خلال عملية ذبحه بسكين الوحش الداعشي في جرود القلمون. خافوا منه ومن شجاعته، قيّدوه حتى لا يواجههم بقبضة يده. عصبوا عينيه بقماشة سوداء خوفاً من النظر الى حدتهما وأجبرتهم شخصيته الشجاعة على الاحتماء بحزام ناسف ربطه أحدهم على خصره للتهديد واثارة الرعب، واقتادوه نحو الموت.
المشهد ضعيف والسكين للتعذيب
هو فيديو مدته دقيقة واحدة و36 ثانية، ظهر فيه خمسة جبناء لم يكشفوا عن وجوههم، ملثمين برداء إرهابي في أحد جرود القلمون. المشهد كان ضعيفاً لناحية الإخراج والتصوير، مقارنة مع الفيلم الهوليوودي الذي ذُبح فيه الصحافي جيمس فولي. لم تكن هذه المرّة جودة الكاميرا عالية باستخدم الهاتف. صوت الجزار لم يكن مسموعاً بوضوح بفعل الإنشودة التي أسقطت على الفيديو والتي تتحدث عن النحر والقتل وتشريد الناس. قالوا كلماتهم المخادعة وغير المقنعة. وقالها: “الله واكبر ولـ الله الحمد… دولة الإسلام”.. ردوا عليه الضعفاء “باقية”، وبات السكين بحدته على رقبة علي، وكان واضحاً أنهم أرادوا تعذيبه بسكين صغير. واحتاج الأمر إلى أكثر من اثنين للإمساك به رغم تقييده. أنفاسه كانت أقوى من السكين، وجسده انتفض مع كلّ مرة فكر فيها ربما بطفلته الصغيرة، والعملية لم تكن سهلة على الجزّار.
فيديو استشهاد السيد صعب لناحية ملامسة وحشية هذا التنظيم الذي يتعمد التخويف والإرهاب ببث فيديو عن ذبح جندي لبناني، وأغلب الظن انه يؤسس لفاصل جديد في الوعي الجماعي لمن قويَ على مشاهدة الفيديو. لم يبث معظم وسائل الإعلام شريط الفيديو الذي نشرته حسابات على “تويتر” قريبة أو منتمية الى “داعش”، ومنها من اكتفى بمقطع من الفيديو يظهر مسرح الجريمة قبل تنفيذها.
اللافت أن الفيديو لم يمحَ عن مواقع الإنترنت كما حصل مع فيديو إعدام الصحافي الاميركي جايمس فولي. بقيَ أنصار “داعش” يتلذذون بتناقله ويتوعدون كلّ من يتهمونه بـ”الردّة”.
الحرب النفسية
رئيس مركز “الشرق الأوسط” للدراسات العميد الركن المتقاعد هشام جابر رأى أن “عملية تصوير الإعدام البشعة وما ترافق معها من عمليات تعذيب وتصوير خوف الضحية قبل تنفيذها مدروسة ومخطط لها لايصال رسائل إلى من يهمه الأمر”، مشيراً إلى “هذه العمليات تأتي في إطار الحرب النفسية التي تجيد هذه المجموعات ممارستها، وهذه الأساليب تتقدم في بعض الاحيان على الاساليب العسكرية”.
وشدد جابر على أن “انتقاء جندي سني واعدامه بهذه الطريقة الشنيعة لم يكن أيضاً صدفة، ومن اهدافه ايصال الرسائل إلى زملائه من التوجه نفسه، بأنكم غير محّيدين عن العقاب في حال وقفتم ضدنا.. فمن هو معنا هو معنا وتحت سلطتنا وإلّا هو كافر ويجب قتله، وهذا ما تبيّنه أيضاً حماسة بعض الشبان لمقاتلة اقاربهم واهلهم واولاد قريتهم من دون الركون إلى أيّ ضوابط”.
ومن نتائج هذه العملية الوحشية المصورة “ما رأيناه من تظاهرات وقطع طرق وضغط على الحكومة اللبنانية التي فتحت سبل المفاوضات من جديد وبسرعة”، في رأي جابر.
“قتل الأسير لا يجوز“
رئيس “هيئة السَكينة الإسلامية” أحمد الأيوبي شدّد على عدم جواز قتل الأسير إسلامياً”، مرجحاً أن يكون “السيد قد قتل مبكراً، وكأن الامور حصلت في الأيام الاولى”، مؤكداً أن الفيديو وتصرف “داعش” يؤثران على الرأي العام الاسلامي، وافراد “داعش” حمّلوا انفسهم دماء لا يجوز ازهاقها، وهناك خشية من ردات فعل سلبية على الجو السوري في لبنان”.
بخلاف فيديو إعدام جايمس فولي، لم يشهد فيديو ذبح علي السيد إنتشاراً كبيراً، والارجح ان اعداداً كبيرة من اللبنانيين لم ترَ مشاهده القاسية. فهل يجب ان نرى ونمعن النظر في السكين لنتيّقن كم انه بات قريباً من رقابنا، في حين يستمر التلهي بالخلافات التي تمعن في تهديم الوحدة والدولة. اليست كافية دماء علي السيد لتقول لنا الكثير وتحسم خياراتنا وتجعلنا ننحاز الى اولوية الدولة والوطن. رحمك الله يا علي.
* النهار