سعودية وعشقي سوريا مراقبة عامة
عدد المساهمات : 29420 تاريخ التسجيل : 17/05/2012
| موضوع: عقلانيّتك أيها السيّد.. هل لها محلٌّ في سياسة لبنان والعالم ؟ الإثنين سبتمبر 01, 2014 2:37 am | |
| عقلانيّتك أيها السيّد.. هل لها محلٌّ في سياسة لبنان والعالم ؟الاحد , 31 اب / اغسطس 2014 - بانوراما الشرق الأوسط نجيم اليوسفيعتمد خطاب الخطيب والمحاور مع خصمه عادة على بديهيّات عقليّة ومسلَّمات عرفيّة للتدليل على صحّة أفكاره العلميّة أو آرائه السياسيّة التي يطرحها , وهذا أمرٌ طبيعي ومنطقي لأن ما يطرحه هو ادِّعاءات تحتاج الى دليل وبرهان. هكذا فعل السيد في خطابه الاخير في ذكرى انتصار تموز، فقد كان عقلانياً في وصفه لواقع لبنان ومنطقتنا المشتعلة وأسباب هذا الواقع بدءاً من “داعش” وجرائمها ومروراً بمعالجة الغرب وأمريكا ودول عرب الخليج وانتهاءاً بالحلول الناجعة التي يجب أن تعتمد وخصوصاً في لبنان حيث الخطر علي الأبواب وزمجرة العاصفة الهائجة القادمة ليس فقط يصم الآذان بل يكاد يقتلع كل شيء. خطرٌ داهم وصفه السيد بكل وضوح.أيها السيد الجليل: استوقفتني عقلانيّتك هذه في الوصف والعلاج في زمنٍ بلغت الممارسة السياسيّة فيه انحطاطها المريع حتى غدا العمل السياسي في هذا البلد من أحطّ الأعمال وأوسخها وغدا الرجل السياسي لدى البعض يخضع لمعادلة غير مشرِّفة: رجل سياسي, إذن هو رجلٌ قذر لأنه منافق وغير مسؤول!فرادتك أيها السيد, أنت وبعض أمثالك من العلماء والسياسيّين المخلصين الذين ذهب بعضهم الى رحمة الله والآخر ما زال على قيد الحياة وهم قلّة لا يبلغون عدد أصابع اليد.. فرادتكم أنكم اعتمدتم على مبدءٍ سما العمل السياسي به فأصبح عملاً مقدّساً بدلاً من أن يوصف بالقذارة. إنّه الإيمان بالله الذي ينطلق على أساسه وقاعدته العمل السياسي بل وكل عملٍ آخر مهما صغُر أو كبُر. هذا الإيمان هو الذي يمثّل الرقابة الحقيقيّة للسياسي وليست رقابة الشعب والناس والشرطي والقانون.. إذ كل هؤلاء يمكن أن يغافلهم السياسي ويصوٍّر الأبيض أسود والأسود أبيض في أسلوبٍ نفاقي وتبريري كما هو الحال في لبنان كنموذجٍ لأغلب دول العالم إن لم يكن كلُّها.في لبنان عوامل عديدة وكثيرة تتحكّم بالعمل السياسي ولكن ليس بينها الإيمان بالله ولا الإيمان بالوطن ولا بالمواطن ! أما الإيمان بالله فليس له أي أثرِ عملي في سلوك السياسي بل هو مجرّد فكرة يستعين بها وقت الحاجة لتغطية رغباته وإلباسها طربوش الصدق والقداسة, وفي غير ذلك فهي فكرة مغفولٌ عنها ولا يشعر برقابتها في تصرّفاته, وهذا يعني أن إيمان هذا النموذج ليس إيماناً حقيقياً وجدّياً, بل هو سطحي في حمله , وهمُّه المزايدة على حامل الإيمان بجدّية وعقلانية حيث انطلق صادقاً للقيام بأعمالٍ عظيمة أعادت إحياء أهمّية هذا الإيمان والإسلام, وكمثالٍ على ذلك تأسيس جمهورية إسلامية في إيران وقيام المقاومة الإسلامية بما لم يقم به غيرها من تحريرٍ للأرض وصنعٍ للقوّة في لبنان. وفي موازاة ذلك النموذج السطحي الأول برز بكل أسفٍ نموذجٌ شطّ في تطرُّفه وشذّ في تصرفاته حتى وصم الإسلام بما لا يستحق من عناوين سيئة، وهذا ما فعلته “داعش” مؤخراً وما زلنا نعاني من مفاهيمها المنحرفة التي هي نتاجٌ مؤذٍ لفكرة الوهابية التي عانى منها الإسلام والمسلمون كثيراً في الفكر والممارسة.. إن مشكلة هذا النموذج الأخير أنه احتكر الإسلام لأتباعه فقط وأخرج كل المسلمين عن حظيرة الإيمان فكان وجهاً أخر مطابقاً للصهيونية التي اعتبرت يهودها “شعب الله المختار” ولا قيمة لغيرهم إلا أن يُسحقوا ويُقتلوا. نعم هذان الأخيران هما وجهان للعنة واحدة، كانا وما زالا.أيها السيد الجليل ! قل لي بربك من تخاطب بعقلانيَّتك؟ هل تخاطب صاحب الإيمان السطحي الذي لم يلتزم بإيمانه جدياً ولم يتحمّل مسؤوليّته بل ارتبط بخلفيةٍ اخرى هي التي تحركه: خلفية الإرتباط بالآخر دولة أو قطباً سياسياً أو طائفةً أو عائلةً لا يستطيع الخروج من شباكها وإلا اهتزت مصالحه ومنزلته ومعاشه؟ هذا النوع من السياسيين لا يملك فكراً حراً بل هو عبدٌ مأمورٌ لا يملك من أمره شيئاً. أم تخاطب صاحب الإيمان المتطرِّف الذي يبني مواقفه السياسية على أساس عدم احترامه للآخر بل ينظر اليه على أنه جرثومة وشرٌ يجب التخلص منه فقضى عليه بأبشع صور الإذلال والقتل ناسباً الى النبي (ص) زوراً أنه قال “جئتكم بالذبح”! بينما القرآن الكريم يصرِّح “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين”.وأما الوطن فلا أحد من هؤلاء السياسيين يؤمن به لأنه بنظرهم مزرعة يعيش منها وعليها وتؤمِّن مصالحه ويطمح بسببها أن يرتقي إلى مراتب سياسية واجتماعية أعلى, وهو لتحقيق ذلك يعتمد على أسلوب الفجور والصراخ والإعلام الكاذب وإظهار الغيرة المزيّفة للحفاظ على مصالح الوطن المدّعاة. ترى ! أين أصبحت قضية النفط المكتشف في مياهنا الإقليمية , وأين غدت مسألة تسليح الجيش وكذلك إنماء المناطق اللبنانية المحرومة, ولماذا يقسَّم هذا الوطن إلى مناطق طائفيّة يهتم البعض بهذه المنطقة ويطالب بحقوقها ويغفل عن غيرها لأنها لا تعنيه.. إلى عشرات القضايا المهمّة للوطن والتي لا يشعر بجدّيتها السياسي إلا من خلال ما يراه الآخرون.. وهكذا أصبحت قضية الإستقلال أكذوبة كبرى أمام هذا التهالك من السياسيين على الارتباط بهذا الخارج أو ذاك لتأمين مصالحه السياسية بدلاً من مصالح الوطن, وحوّلوا الاستقلال بذلك إلى استغلال! فهل هناك أخسّ من هؤلاء السياسيين المنافقين الذين يقولون ما لا يفعلون أو يفعلون خلاف ما يعِدون ويقولون؟ أُجلُّك أيها السيد عن مخاطبة هؤلاء بعقلانيّتك لأنهم لا عقل لهم ولا كرامة!وأما المواطن فلا إيمان للسياسي بحقوقه بل هو إما رجلٌ مستضعف أو من طائفة أخرى أو من منطقة محرومة لا يشعر السياسي بأنها جزء من وطنه أو اهتماماته. يحاصر هؤلاء السياسيون مواطنيهم بقذارة تفكيرهم وسلوكهم وحساباتهم الطفولية الضيّقة فيحرمون الناس من أبسط حقوقهم وتخفيف آلامهم: فالكهرباء المهمة في هذا الزمن يكاد لا يرى الناس لها أثراً إلا نادراً وهي لا تستصلح لأن صفقات المنتفعين تتعطّل, ولا تُستورد لأن السياسات الدولية تمنع من ذلك, ولا توزّع إلا ضمن حسابات طائفية أو مناطقية معيّنة, وهكذا مسألة المياه التي يعاني الناس من فقدانها الأمرّين وإن أعطِيت فالتلوّث هو السِّمة البارزة فيها كما شاهد الناس ذلك بوضوح في الأيام الخالية, وهكذا الرعاية الصحية والتعليمية وفرص العمل.. وغيرها الكثير من الأمور التي تخجل الدول المتخلّفة من التحدّث عنها وحيث يسرق فيها السياسيون ولكنهم يخفون سرقاتهم بإعطاء الناس بعض حقوقهم. وأما سياسيو لبنان فهم يحيطون المواطن بكل أنواع الإذلال ويغدِقون عليه كل يوم فنوناً من الأزمات وألواناً من التجويع والتخويف والقلق, فإذا انتهى ذلك اليوم تحسَّس مواطننا المسكين رأسه ليتأكّد من بقائه على جسده أم أصبح في عالم آخر؟تلك هي حالة مواطِنك أيها السيد, وتلك هي حالة وطنك, وتلك هي حالة السياسيين فيه الذين خاطبتهم بعقلانيّتك مراراً فهل استفاد منها هؤلاء شيئاً: لقد أسمعت لو ناديت حيّاً ولكن لا حياة لمن تنادي ولا كرامة!أجلُّك أيها السيد أن تخاطب بعقلانيّتك هؤلاء الوحوش الأنذال الذين صنعهم الإستكبار الأمريكي ومن قبله الإستعمار الأوروبي ومؤخّراً بدْوُ الخليج بأموالهم فهؤلاء جميعاً لا خير فيهم, بل الخير كل الخير أن تخاطب بعقلانيّتك القاعدة الشعبية التي ما زال قسم كبير منها لم يُستعبد بعد والتي ما زالت تنتظر الكثير من الأفعال – كما عوّدتها- لا الأقوال. أجلْ أيها السيد مللنا مناشدة هذا الطاقم السياسي الفاشل الذي نُجلُّ أنفسنا عن تعداد أسماء أفراده الكُثر فضلاً عن مسمّياتهم وأوصافهم لأن روائحهم النتنة قد أزكمت أنوفنا ونغّصت حياتنا, فهل إلى تغييرٍ حقيقي لهذا الواقع المؤلم في بلدك , لا أقول بقوّة عسكرك الذي كان له شرف تغيير المعادلة مع العدو الصهيوني, بل بقوّة عقلانيّتك وحكمتك وتخطيطك كما فعل ذلك من قبلك الإمام الخميني(قده) في بلده؟. ذلك ما نأمل !
عقلانيّتك أيها السيّد.. هل لها محلٌّ في سياسة لبنان والعالم ؟ المزيد .. | |
|